دروس بدأت و لم تنتهِ في التوحيد..!

tdroos

tdroos

(عن الملا عمر تقبله الله والطالبان)

لويس عطية الله يكتب: دروس بدأت و لم تنتهِ في التوحيد..!

ومازال الدرس مستمراً..

هذه الدروس تأبى الدروس..

في الوقت الذي كان شيوخنا يعلموننا فيه أن (الأشاعرة والماتريدية مبتدعة ضالون)، كان الشيخ أسامة بن لادن يعلم أتباعه البيع والشراء والتجارة!! لكن على طريقة عبدالرحمن بن عوف عندما باع القافلة بعشرة أضعاف الربح الذي عرضه التجار، التجارة مع الله، وكان أمير المؤمنين الملا محمد عمر يستعد لإلقاء محاضرة طويلة ومفتوحة ستبدأ في 11 سبتمبر لتستمر إلى هذه اللحظة عنوانها (التوحيد، كمفهوم وتطبيقه عملياً في الحياة).

مرت الأيام ونحن نردد الماتريدية والأشاعرة مبتدعة ضلال، ونتغنى بأمجاد (التوحيد) وتصحيح العقيدة، إلى أن حدثت 11 سبتمبر وتعلّمنا دروساً جديدة لم نكن لنتعلمها لولا 11 سبتمبر، اكتشفنا فجأة، أن الموصوفين بأنهم ماتريدية أفهم منّا بالتوحيد، اكتشفنا أن الإسلام أوسع مما كنا نظن، وتبين لنا أن هناك معانٍ في التوحيد أهم بكثير من خلافاتنا حول توحيد الأسماء والصفات، اكتشفنا أن توحيد العبادة هو الأصل الذي يجب أن تدور عليه حياتنا، وتعلمنا الطريقة الصحيحة لفهم توحيد الأسماء والصفات.

علمتنا طالبان درساً مبدئياً عجزناً عن فهمه في البداية عندما دمّرت بوذا، شكّك الكثيرون في مقاصد طالبان من تدمير بوذا، وجهل كثيرون أن طالبان هدمت الأصنام مستندة على جبل التوحيد الشامخ الإمام حمود الشعيبي رحمه الله.

لا بأس طالب التوحيد المبتدئ يحتاج إلى جرعة عملية أكبر، جاءت 11 سبتمبر فكانت المفاجأة الكبرى! محاضرة التوحيد العملي المجانية من الإمام المجاهد أمير المؤمنين الملا محمد عمر نصره الله:

– (لن نسلم مسلماً لكافر ولو انطبقت السماء على الأرض).

– (الله أقوى وأكبر من أمريكا وهو ناصرنا).

– (أمريكا لو فعلت ما فعلت فإننا معتصمون بحبل الله ونعتقد أن النصر من عند الله).

– (إني أنظر لوعدين؛ وعد الله ووعد بوش، ووعد الله حق، أما وعد بوش فزائل، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا).

الله أكبر! هل هذا الملا عمر أم أبو بكر الصديق؟

وهكذا استمر الإمام محمد عمر في تعليمنا حقيقة التوحيد بل وشرح لنا معنى توحيد الأسماء والصفات. اعتدنا في دروسنا النظرية لتوحيد الأسماء والصفات أن نتقعّر في تقرير مسائل نظرية ونردد بدون فهم: (نؤمن بما وصف الله نفسه بدون تأويل أو تكييف أو تعطيل)، لكننا جهلنا حقاً المقصد الأساس من توحيد الأسماء والصفات، جهلنا ماذا يريد الله منا حينما يخبرنا أنه سبحانه هو القوي العزيز، وأنه العزيز الحكيم وأنه السميع البصير. وجهلنا فيما جهلنا أننا يجب أن نفهم حقيقة مشاكل عصرنا وأهمها على الإطلاق: ترْكنا للجهاد، لكننا استحضرنا معارك ابن تيمية مع الأشعرية والماتريدية وجعلناها أولوياتنا بدلاً من أن نلتفت إلى أن مشكلة عصرنا الأولى هي أن الأمة قاطبة محتلة من الغرب، وأن المعركة الأولى التي يجب أن نخوضها هي معركة الجهاد ضد المحتل. وإذا كانت قضية التأويل والتعطيل أخذت حيزاً كبيراً عالجه ابن تيمية في عصره فلأنها كانت ضرورة في ذلك العصر، لكن ابن تيمية لم يجعلها قضيته الأولى لأنه عندما اقتضى الجهاد أن يجاهد التتار خرج على رأس الجيوش فأين ابن تيمية من شيوخ هذا العصر؟ الذين مازالوا ينادون بتأخير مشروع الجهاد والالتفات إلى ما يسمونه زوراً (الجهاد العام).

بل حتى على مبدأ من جعل (العقيدة) اهتمامه الأول جهلنا حقاً كيف تكون العقيدة وظننا أن الحروب مع الأشعرية وغيرها من الفرق هي الأصل في حياتنا! ولم نهتم بكيفية تحقيق ما اختلفنا فيه مع الأشعرية في الأسماء والصفات. إن توحيد الأسماء والصفات على طريقتنا لم يجعلنا أكثر من سوى نسخة محسّنة من المستشرقين الذي يعرفون السنة أكثر منا ويخدمونها لكنهم لا يؤمنون بالإسلام. إنك حينما تقرر صفة (السمع) لله وتقول نؤمن بأن الله سميع كما يليق بجلاله وعظمته لا ينفعك إذا لم يؤثر هذا الإيمان في سلوكك ويجعلك تراقب الله في كلامك. والذي يؤمن بأن الله بصير لا ينفعه أن يقول نؤمن به كما جاء دون تعطيل ولا تأويل ولا تكييف ولم يتمثل في أفعاله مراقبة الله واستحضاره بأن الله يسمعه ويسجل ما يقول. والذين يقول بأن الله قوي لن ينفعه تكلّف العبارات إن كان عملياً يتصرف وكأن أمريكا اقوى من الله!

والذي يزعم بأن الله غني لن ينفعه تكلّف العبارات وهو يظن أن الرزق بيد ابن سعود أو أن الرخاء العالمي يعتمد على أمريكا.

والذي يظن أن الله عليم لن ينفعه تكلف العبارات وهو يبذل جهده كله لمصلحة نفسه ويبحث عن العبارات والمواقف التي ترضي الطاغوت.

فإذا كان المتّهمون بالماتريدية قد تمثلوا الإيمان بصفات الله وأسمائه على الحقيقة وفكروا وتكلموا وفعلوا على أساس أن الله سميع، بصير، قدير، قوي، عزيز، غني، رزاق، حكيم، إليه المصير؛ فهم أهل التوحيد وهم الذين تمثل فيهم تحقيق معنى لا إله إلا الله وليقل من شاء ما شاء، بل هم الذين حققوا معنى توحيد الأسماء والصفات بالذات رغم أنف من يتطاول عليهم من المتشدّقين بالسلفية وقد جهل أسماء الله وصفاته على الحقيقة حين خالفها في التمثل.

ثم هناك الاختبار الأخير والأصعب في مسألة الإيمان الذي يتجسد به التوحيد في أسمى صوره على الإطلاق والذي ينكشف فيه المنافق كشفاً فاضحاً، وذلك في لحظة المواجهة الحقيقية في اختبار هل يقدم حظ النفس والمال أم يقدم مرضاة الله عليها؟ بحيث يقرر الإنسان في لحظة هل يبيع نفسه لله أو لا يبيعها، ولا يمكن بحال أن يختار المرء أن يبيع نفسه لله إلا أن يكون موحداً مؤمناً يعلم أنه يخرج من الدار الدنيا إلى رضا الله مباشرة، هذا اليقين هو الذي تمثله عمير بن الحمام حين استبطأ المسألة ورأى أن بضع دقائق يأكل بها التمرات حياة طويلة في شقاء الدنيا وتأخر عن نعيم الآخرة ورضا الله، يا رسول الله ليس بيني وبين ذلك إلا أن آكل هذه التمرات؟ إنها لحياة طويلة !! الذي يقرر أن يبيع نفسه وماله واسمه ومهجته وقلبه في سبيل الله هو الذي وصل إلى تحقيق التوحيد فكيف بمن يفرط بدولة كاملة تحت يديه من أجل رضا الله.

هذا هو أمير المؤمنين الملا عمر وهذا درسه المجاني في حقيقة التوحيد

لقد كانت أياماً عصيبة، حين جمع خمسة آلاف من علماء أفغانستان وطلب منهم المشورة في مسألة الشيخ أسامة بن لادن، طبعاً لم يكن مطروحاً البتة تسليم بن لادن، لكن الخلاف حول هل يبقى أم يطلب منه أن يغادر أفغانستان، أتذكر أيام اجتماعات علماء الطالبان، كانت ثلاثة أيام من أصعب الأيام على المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها، كنا نخشى أن يصدر شيء يسوء أهل الإيمان في كل مكان، لكن بحمد الله تجاوزنا المحنة وصدرت توصية الشيوخ لا تلزم الملا بشيء، ولذا اختار الملا بقاء الشيخ أسامة في أفغانستان. وكان يراجع الملا الإمام مجموعة من الناس يطلبون منه أن يطرد الشيخ فكان يرد عليهم (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)

سجل يا تاريخ…

شخصياً أعتقد أنه لم يقف مسلم بعد أبي بكر رضي الله في مثل الموقف الذي وقف فيه الملا، ونجح الملا بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف الأولى بدون منازع في هذا الامتحان العسير، لم يُسجل في التاريخ أبداً أن دولة كاملة أزيلت بسبب رجل، سجل التاريخ حكاماً يتنازلون عن الحكم لأسباب مختلفة، أما أن تزول دولة كاملة بسبب موقفها من رجل واحد فهذا لم يحصل قط، واسألوا إن شئتم الأستاذ المؤرخ بشير نافع.

لماذا وقف الملا هذا الموقف؟ هذا درس مجاني في التوحيد من الملا علمه للأمة قاطبة، مجاني بالنسبة لنا للأسف الشديد لكنه كلف الملا دولة طالبان .

هل الملا عمر هو الوحيد في طالبان الذي يعطينا الدروس المجانية؟ كلا البتة، كلهم أساتذة في التوحيد.

الملا عبدالسلام ضعيف سُئل بعد سقوط طالبان وقيل له: هل تشعرون بالندم بسبب موقفكم؟

قال بكل ثبات وطمأنينة: لا، لقد فعلنا مقتضى ما جاء في ديننا وفعلنا كل ما بوسعنا، ولو قُدِّر لنا أن تُعاد الأحداث ثانية لما تغير موقفنا أبداً.

هذا هو التوحيد أيها المتشدقون بالتوحيد والعقيدة! وهؤلاء هم الناس الذي يستحقون بكل جدارة لقب (إمام) لأن الإمامة في الدين إنما تُنال بالصبر واليقين، وهؤلاء القوم كانوا صابرين ومستيقنين والله حسيبهم.

أحد الشيوخ الظرفاء كان يقول لي أيام الأحداث السابقة، مازحاً: سأتوقف عن شرح كتاب العقيدة الطحاوية، واستبدله بكتاب (شرح العقائد النسفية) وهو الكتاب الذي تدرسه طالبان في مدارسها.

هذا كله مزاح وإلا فإننا بحمد الله سلفيون في الأسماء والصفات لكن طالبان أعطتنا درساً في كيفية التعامل مع مسائل الخلاف التي يسوغ فيها الخلاف، وأن يكون ولاؤنا وبراؤنا في الله مقترنا بالتوحيد وأصل التوحيد الذي هو توحيد العبادة.

وأصبحنا نحن الذين كنا نبدع الأشاعرة والماتريدية في مجالسنا نردد في المجالس نفسها: ( طالبان لا يحبها إلا مؤمن ولا يبغضها إلا منافق أو رافضي، أو كافر بطبيعة الحال ).

إنها دروس عملية ومفارقات عجيبة يقيم الله بها الحجة على عباده ففي الوقت الذي نرى ذلك الشيخ الذي كتب أمام اسمه (معالي فضيلة الأستاذ الشيخ الدكتور)، نراه يقف إجلالاً وتعظيماً أمام الطاغوت المبدّل لشرع الله المستحل للربا الموالي لأعداء الله من يهود وأمريكان، ليمدحه ويثني عليه. ثم نرى ذلك الشيخ يكتب في طالبان بياناً يفصل فيه عقيدتهم ويقول إنهم ماتريدية في الأسماء والصفات وينسى ذلك الشيخ نفسه ليجعلنا نتساءل ونقول في أنفسنا وبماذا سنصف عقيدتك عندما نراك تزكي الطاغوت وتسبغ عليه من صفات التقديس ماهو كذب أصلا عندما تزعم أنه أفضل من يطبق الإسلام في هذا العصر وتمدح مبادرة الإخاء مع اليهود!

في هذا الوقت نفسه نرى من قيل عنهم أنهم ماتريدية، في عقيدتهم خلل، نراهم يقولون للكفار الأمريكان الذين هم أسياد ذلك الطاغوت الصغير الذي يمدحه ذلك الشيخ المسكين، يقولون (لا) بملء أفواههم، ويقولون (لن نسلم مسلماً لكم ولو انطبقت السماء على الأرض)!، أليس هذا درسا عملياً لنا لنعرف من الموحّد من غير الموحّد؟ ومن هو على ملة إبراهيم عليه السلام ومن هو على ملة (بلعام بن باعوراء؟)

لا تستعجلوا الدروس لم تنته بعد..!

فالشيخ أسامة بن لادن ومن معه من رجال القاعدة يعطوننا دروساً عملية لا تتوقف في كيفية تحقيق التوحيد في النفوس وفي الحياة، وكيف يقف أحدهم وهو الإمام أحمد الحزنوي رحمه الله، ليعلمنا كيف تكون التضحية والفداء في سبيل الله، وكيف يطبق هؤلاء القوم عمليا وصف الله للمؤمنين عندما يقول سبحانه (من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر)

أي شعور سيصيبك أيها المسلم عندما تسمع أحمد الحزنوي رحمه الله يقول قبل 11 سبتمبر بأشهر (اللهم خذ من دمائنا حتى ترضى) ثم تعلم أنه ضحى بنفسه في سبيل الله، وتراه وقد ركب الطائرة ليدكّ صروح الكفر بجسده الطائر مع إخوانه من المجاهدين، أي صدق في العهد أبلغ من هذا الصدق، وأي أساتذة في فن التوحيد هؤلاء الرجال، نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

اللهم إن عبادك المجاهدين قد بذلوا كل ما لديهم ابتغاء مرضاتك وإيمانا بك وبنبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم أتمم لهم جهادهم وأفرغ عليهم صبراً، وأنزل عليهم رحمتك واخسف بعدوهم وأنزل عليه سخطك وبأسك الذي لا يرد، اللهم انصرهم في الحياة وأثلج صدورهم برؤية دمار وهلاك عدوك وعدوهم يارب.