وفاة الحاكم المسلم المجدد الملا عمر رحمه الله – خطبة جمعة للدكتور هاني السباعي

CL1imDZWcAAptRn

CL1imDZWcAAptRn

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

الإخوة المكرمون، ها نحن مع اليوم الخامس عشر من شهر شوال لسنة 1436 من الهجرة النبوية المباركة. ونحن اليوم مع خطبة خاصة بمناسبة وفاة الإمام الحاكم المسلم الزاهد العابد المجاهد المجدد بحق الملا محمد عمر مجاهد، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الله فسيح جناته. هذه مجرد كليمات، مع أن هذا الرجل يحتاج إلى مرثيات ومآثر، يحتاج إلى كتب ومقالات، وإلى إشادة بهذه الشخصية العظيمة والتي للأسف الشديد حُرمنا منها، وتكالبت عليها الأعداء من كل حدب وصوب، إنه الملا عمر. هذا الملا عمر كهف المظلومين، حامي حمى الإسلام والمسلمين، هذا الذي يُضرب به المثل. وأعتقد أن العرب والمسلمين جميعًا سيتغنون باسمه وسيتغير التاريخ وتتغير الأمثلة فيما بعد فيُقال أنه لا يوجد أشجع من الملا عمر، لا يوجد أوفى من الملا عمر، أصدق من الملا عمر، لا يوجد أجرأ من الملا عمر، ولا أزهد ولا أعدل من الملا عمر. أنا أعذر من يلومنا في حبه، فهؤلاء الذين يلومننا في حبه لا يعلمون، يلوم اللائمون حبنا، يقولون إنكم تطرون عليه، هذا الرجل لم يأخذ حقه أصلًا!

الله -سبحانه وتعالى- يقول: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} هذا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذًا الموت حق، والله يخاطب رسوله -صلى الله عليه وسلم-: {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} حتى لا يتعلق أحد ببشر، فلا بد أن يستفيق الناس وأن يعودوا لرب البشر.
مهما علا كعبه، وعلا نجمه، وكان مثالًا ومضربًا للعدل، فإنه في النهاية ميتٌ. ولكن انظروا أنه ابن خمس وخمسين عامًا! الملا عمر مات -رحمة الله عليه- وأنا أحسبه شهيدًا لأنه مات مريضًا، والمبطون كما تعلمون شهيد بإذن الله -سبحانه وتعالى-. بالإضافة إلى أن سبب هذا الذي حدث له هو التضييق الشديد، فنحسبه من الشهداء البررة بإذن الله -سبحانه وتعالى- ولو كان على فراش الموت.
كل الكلمات محشورة في صدري من حزني على فراق هذا الرجل العظيم، وإنا لفراقه بحق لمحزونون، طبعًا لا نقول إلا ما يرضي الرب، ولكننا نقول إنا لله وإنا إليه راجعون.

وكأن للموت تِرةً في خيارنا، فعلًا يصطفي خيارنا، الرجل ابن خمس وخمسين سنة! لم يكن طاعنًا في السن، هو من نفس عمرنا، ورغم ذلك فإنه هكذا في فترة زمنية وجيزة حاز هذا السبق، والقَدَح المعلّا في أنه لا يوجد في خلال مائة عام -واستقرئ كما شئت، وابحث كما شئت في خلال القرن المنصرم، منذ وفاته إلى مائة عام من قبل- لا يوجد حاكم مسلم يستحق بجدارة أن يُلقب بالإمام المجدد كالملا عمر، هو الوحيد الذي يستحق هذا.

اذهبوا شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا في تاريخ الممالك الإسلامية على مدار مائة عام، ستجدون أن هذا الرجل الحاكم المسلم الوحيد الذي يستحق أن يُلقب بالمجدد فعلًا. جدّد في كل شيء، لم يأتِ على حين غرة، لم يختاروه من مغارة، تاريخه ناصع وشاهد عليه، نشأ وترعرع في بيئة الإسلام، وكان الجهاد لازمة له.

هذا المجاهد بحق اسمه الملا محمد عمر مجاهد -كانوا يلقبونه هكذا المجاهد محمد عمر المجاهد ابن مولوي غلام نبي-، من أسرة عريقة، مات أبوه وهو ابن خمس سنين، هو من مواليد سنة 1960م، ونحن الآن في 2015 يعني مات ابن خمس وخمسين عامًا. لكن هذه السنون نجوم وكواكب ودرارٍ في سماء الجهاد، صفحة منيرة في سماء المسلمين، حفر لنفسه اسمًا بين هؤلاء العمالقة بين هذه الكواكب النيرات. وعندما تذكر الملا عمر كأنك تستحضر عبق التاريخ؛ تتكلم عن عمر بن عبد العزيز، تتكلم عن الخلفاء الراشدين، وكأنك في عصر صحابي، لكن الناس في واد وهو في واد آخر!

هل رأيتم حاكمًا بهذا الوفاء؟ هل رأيتم حاكمًا مسلمًا يحكم بالعدل في هذه الحقبة التي نعاصرها نحن أو التي مضت؟
لم نجد، فهو مجدد، جدَّد شباب الإسلام، وأثبت أن الحاكم المسلم بحق يستطيع أن يأمر فيُطاع. كلمة (من يجدد لها أمر دينها) هذه الكلمة قد تشمل العلماء، تشمل الفقهاء، تشمل المجاهدين، تشمل كل من يبرز في فن من هذه الفنون ومن العلوم، ومن الزهاد والعباد، كلمة عامة تشمل كل مائة عام من يجدد لها أمر دينها. لكن الذي يستحقها بجدارة هم السلاطين إذا عدلوا، كعمر بن عبد العزيز كان في زمانه -رحمه الله- علماء، وسبقه من كان أفضل منه، وبعده جاء من الأخيار أيضًا، ورغم ذلك كان على رأس المائة الثانية المجدد بلا منازع؛ لأنه يأمر فيُطاع، هو سلطان له السلطة والقوة، ورغم ذلك زهد في ما عند الناس، زهد في الحياة الدنيا ومتاعها.
بالله عليكم هذا الملا عمر الذين شاهدوه، والذين عاصروه، والذين حضروه، حتى الذين هم يعادونه شهدوا على بساطته، وعلى زهده، وعلى ورعه. هذا رجل بسيط، كان يعيش كبقية الأفغان، كبقية الناس الفقراء البسطاء، لذلك أحبوه. هذا الرجل لم يكن يملك مسكنًا ولا بيتًا، حتى طائرات الغدر الأمريكية لما قصفت منزل الإمارة الذي كان فيه في قندهار، بنوا له مسكنًا آخر ببيت الإمارة من الطين هكذا، لا يوجد عنده بيت، بمعنى أنه أفقر حاكم حكم بلاد المسلمين -ليس في أفغانستان فقط- في بلاد الإسلام عامة، الملا عمر أفقر حاكم. هم كانوا يقولون في ترجمته أنه أفقر حاكم حكم أفغانستان، لكنه هو أفقر حاكم على مستوى العالم الإسلامي بأسره، لا يوجد أفقر من الملا عمر.

حاكم مسلم بحق، لم يتلون، لم يتلعب. هذا الذي نشأ في الجهاد وهو صغير وتَرعرع، ولما اجتاح الروس هؤلاء السوفيت والولايات السوفيتية الشيوعية، هذا الدب الأحمر الكبير المرعب في العالم لما اجتاحوا أفغانستان سنة 1979م  الملا عمر كان في شبابه يعني في بداية العشرينات، وجاهد وهو شاب.

تربى على أيدي أعمامه، عائلته كلها من المدرسين والمعلمين وأهل العلم، أبوه كان مولويًا مدرسًا معلمًا، أعمامه وأخواله وعائلته، ومن عوائل كلها أبطال في التاريخ الإسلامي.

يعني هذه بيئة معروفة، صفحته مكشوفة، لم يأتِ على حين غرة ويعين نفسه خليفة أو أميرًا للمؤمنين، لم يأتِ من مغارة أو لم يأتِ نتيجة استغلال ثغرة معينة وفجأة نصبوه أميرًا للمؤمنين! لا، الملا عمر تاريخه في الجهاد هو الذي أوصله. جاهد واقرأوا معاركه ضد السوفييت، شارك في جميع المعارك ضد السوفييت وهو شاب، وكان يُلقب بصائد الدبابات، كان محترفًا للآر بي جي، حتى قالوا أنهم لم يستطيعوا أن يحصوا من كثرة الدبابات التي اصطادها وكان يحرقها بالآر بي جي من كثرتها. تاريخ!
أصيب في المعارك أربع مرات، آخر معركة أُصيب فيها في عينه اليُمنى، الصورة الشهيرة التي ترونها هذه، عينه اليمنى فقدها في سبيل الله. كما كان الصحابة يفقدون، من يفقد طرفًا من أطرافه، ومن يفقد عينًا، الله سيبدله هذه العين إن شاء الله، هو الآن نحسبه في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

لم يأتِ على حين غرة وتاريخه شاهد على ذلك، عاش في الجهاد، وترعرع في الجهاد، ونشأ في الجهاد، فصار الجهاد لازمة له، ولما صار حاكمًا مسلمًا ولقبوه سنة 1416ه بأمير المؤمنين، بكى أمام العلماء؛ لأنه شعر أن المنصب كبير، وقال لهم: “أيها العلماء قوّموني، أنتم سدنة هذا الدين وحراسه، إذا رأيتم اعوجاجًا فإني سأقاضيكم إن لم تبلغوني أمام الله”، يعني لا تغيبوا عليّ مظلمة أو انحرافًا، قوّموا هؤلاء الطلبة، قوّموا هؤلاء الناس، فأنتم العلماء سادتنا وأساتذتنا.

لا كهؤلاء المستكبرين الذين جيء بهم على حين غرة يستكبرون على العلماء وعلى الشيوخ، هؤلاء الذين جيء بهم ولا نعلم من أين أتوا فجأة ونصبوا أنفسهم حماة للإسلام والمسلمين، رغم أنهم نقمة على الإسلام والمسلمين. الملا عمر كان رحمة مهداة بحق لهذه الأمة -وأقولها ولا أتألى على ربي-، ولكن نظرًا لشيوع الفساد والظلم في الأمة لم تستحق أن يحكمها هذا الرجل العظيم؛ فعمر يحتاج إلى رعية كما قال علي بن أبي طالب: “أنا كنت رعية عمر فكنا نطيعه، أما أنتم فقد تغيرتم”. فإذًا هذا الرجل كان يستحق أن يكون ولكن الله -سبحانه وتعالى- جعله حجة على هؤلاء. إذًا نشأ هذا الحاكم المسلم بحق.
أحد هؤلاء لما نقول عليه مجدد يستنكرون، حتى كلمة مجدد يستخسرونها! يقول لك والعلماء والشيخ فلان، يا رجل! نحن نتكلم على الحكام، اتقوا الله. هل يوجد حاكم مسلم أصلًا يحكم في العالم الإسلامي؟! هل يوجد أي حاكم يُلقب مسلمًا يحكم في العالم الإسلامي بالعدل كما كان يفعل الملا عمر؟!

الملا عمر بدأ حياته آمرًا بالمعروف محتسبًا ناهيًا عن المنكر، بعد سقوط كابل وبعد سقوط أفغانستان وهروب السوفييت بعد ذلك وانتحارهم، الأعداء دمروا أفغانستان، وتحولت أفغانستان إلى عصابات، والمال الخليجي بصفة خاصة أفسد قادة المجاهدين، كحكمتيار ورباني ومسعود وهؤلاء جميعًا وسياف كلهم صاروا يتقاتلون، وصارت الفوضى في العالم، هو الذي حكى بنفسه ذلك.
الملا عمر قام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هناك في قندهار في بلده، بدأ بنفسه وكون مجموعة من الطلبة، ولما نجحوا رحب بهم الناس، لأنهم ضاقوا ذرعًا بالمفسدين، وبتجار المخدرات، وهؤلاء الذين كانوا يتحكمون فيهم جنرالات المخدرات والحرب، وكانوا يضيقون على الناس، كمين هنا وكمين هنا، ويوقفون الناس، ويرهقونهم بالأموال. كنسهم، طهر قندهار كاملة، وطهر المدائن والقرى التي حولها، ثم جاء العلماء واجتمعوا عليه. أكثر من ألف وخمسمائة عالم بأسمائهم ومعارفهم وقبائلهم.
هناك في أفغانستان لا يعترفون بالمناكير، ولا يعترفون بما يُسمى بالسند المزور، تعمل سندًا مزورًا وعشرة أسماء مزورة! هم حفظة، يعلمون من أنت وإلى أي سلالة إلى أكثر من عدة أجيال، يعلمون من أنت ومن قبيلتك. هؤلاء جميعًا ألف وخمسمائة عالم في أفغانستان هم الذين عينوا الملا عمر ونصبوه في ذلك الوقت، بايعوه على إمرة المؤمنين، وعلى أن يجاهد المفسدين. في سنتين كنس أفغانستان كاملة، اجتاح ودخل كابل، وقضى على المفسدين. أتذكرون الصورة الشهيرة التي دخلوا فيها على نجيب الله وعلقوه وأخذوه من مكتب الأمم المتحدة في كابل وعلقوه علانية؟ لم يستطع لا حكمتيار ولا مسعود ولا هؤلاء جميعًا، رغم أنهم كانوا يتحكمون في كابل في ذلك الوقت، ما اجترؤوا أن يقيموا حدًا ولا شريعة في ذلك الوقت.

ثم يأتي أغيلمة أشرار يعيبون على الملا عمر وعلى طالبان ويتهمونهم بأنهم مشركون! الملا عمر مشرك!! خبتم وخسرتم، هذا الذي أقام الشرع من أول يوم، هذا الذي يجاهد.

لم نعرف لخليفتهم السفاح الأفّاك تاريخًا في الجهاد. هل سمعتم أنه جاهد في أفغانستان والساحة كانت مفتوحة؟! أو في البوسنة؟! أو في الشيشان؟! أو في أي مكان؟! في بلده حتى العراق؟! هل كان هذا الذي نصبوه ودمر وشق صفوف الإسلام وشرخ الجهاد هل كانت له سابقة؟

قام على حين غرة واستغل هؤلاء الأغرار والذين دغدغ مشاعرهم فشرخ الساحات، ودمّر، والفتنة استحرت، حتى اضطرت طالبان في النهاية أن تعلن عن وفاة الملا محمد عمر.

هذا الملا عمر تاريخه هكذا واضح. أهل الحل والعقد اختاروه، وهم الذين نصبوه أميرًا للمؤمنين. في عهده على مدار خمس سنوات -مع السنوات التي قبلها، فإياك أن تظن أنه كان في الخمس سنوات فقط، قبلها أيضًا هو كان في الجهاد- على مدار هذه السنوات ما الذي حدث في أفغانستان؟ ماذا جدد وفعل؟

أفغانستان طوال عمرها مقبرة للغزاة، دمرت واقتلعت إمبراطوريات، ابتلعت الفرس، وابتلعت الروم، وابتلعت كل من حاول أن يجرب حظه ونصيبه إلا الإسلام هو الذي احتواهم.

الإجليز راحوا، دمروهم عدة مرات، وقتلوهم في ممر خيبر. وابتلعوا الروس كاملة، رغم أن الروس كانوا أقوى، أكثر من مائة ألف جندي روسي بقوة لا تتخيلونها، ضربوا أفغانستان بكل الحمم، وبكل ما تتخيلونه من قوة، صاروا أثرًا بعد عين، وانهار الاتحاد السوفيتي ببركة هؤلاء المجاهدين.


هؤلاءآباؤهم مجاهدون، وأجدادهم مجددون، ورثوها كابرًا عن كابر. لا مثل هؤلاء الصعاليك! الذين وُلدوا في رحب ما يُسمى الربيع العربي، وهؤلاء الذين وُلدوا أو عاشوا في الشوارع، يتسكعون في شوارع أوروبا وشوارع الدول العربية، وهؤلاء الذين خرجوا من الحانة إلى الكلاشينكوف ثم بعد ذلك يتعالون على العلماء ويشتمون الملا عمر!

تخيل يشتمون الملا عمر! وهو كان يجاهد وهم كانوا في أصلاب آبائهم، وآباؤهم ربما كانوا يلعبون في الشارع وراء عربات الرش يجرون وراءها مثل الأطفال.

هذا هو الملا عمر الذي يُشتم الآن ويُهان الآن! لكن الحمد لله معظم الأمة احتضنت هذا الرجل، وسيرة هذا الرجل في قلوبها قبل عقولها.

أما هؤلاء انظروا تصب عليهم اللعنات يوميًا! وهذا الرجل سبحان الله! تُصب عليه شآبيب الرحمة يوميًا، هذا هو الفارق بيننا وبينكم أيها الأوغاد الأشرار.

هذا هو الملا عمر، وهذه هي مآثره. البلد كانت أمنًا وأمانًا، أحد الصحفيين يذهب ويحكي لي شخصيًا وهو علماني للنخاع في جريدة معينة مشهورة، يقول: كان يذهب بنفسه إلى أفغانستان، وذهب ليعمل حديثًا عن أيام طالبان في عهدها. يقول وسُرقت منه الحقيبة قبل “جلال آباد” هكذا في تاكسي، وذهب إلى كابل ونسي الصحفي هذه الحقيبة، وفيها كل المعلومات والأشياء التي جاء من أجلها. مباشرة قال له هذا الطالباني الذي كانوا يحتقرونه وينظرون إليه شزرًا، قال له: اهدأ سنأتي لك بها. لم يجرؤ أحد، صاحب التاكسي أوصلها لأقرب نقطة لطالبان، قال: خذوا هذه نسيها صاحبها. تخيلوا الآن هل يجرؤ أحد؟

نفس هذا الصحفي نزل أيام الاحتلال، قال لي: والله ما كنا نستطيع، الأمريكان في السفارة البريطانية هنا، والسفارة الأخرى، يقولون: لا حل لكم إلا البيات في السفارة الأمريكية، أو البيات في السفارة البريطانية، لو تريدون أن تبيتوا في نزل وفي فنادق وقعوا لنا أننا عرضنا عليكم حتى لا تحملونا إذا خُطفتم أو قُتلتم أو ابتُززتم أو أي شيء حدث. يقول فعلًا وحدث وجربنا ودخلنا في فندق، كل يوم أدفع عشرة دولارات للحارس ينظر إليّ؛ الجاكيت، النظام، شكلك هكذا، رغم أن هذا كان تابعًا تحالف الشمال، لص من لصوص تحالف الشمال وتابع للأمريكان أصلًا، يقول: وإذا لم أستطع يقولون: إن لم تعطه إما ستُخطف أو يُسلط عليك بعض الناس يقتلونك، أفضل لك أن تدفع العشرة دولارات يوميًا، يقول: فكنت أدفعها حتى اضطررت إلى أن أرجع إلى السفارة البريطانية وأبيت فيها مرة أخرى من الخوف والرعب. هذا في قوة الاحتلال البريطاني، وفي كابل المحروسة من المارينز.
ولكن في أيام طالبان كان الأمن والأمان؛ أحصوا عدد السرقات، أحصوا جرائم المخدرات، هذه المخدرات التي كانت عبارة عن عقبة كداء أمام كل الحكومات التي حكمت هذه البلاد، قضى عليها الملا عمر، وقضت عليها طالبان في فترة وجيزة جدًا.
كادت المخدرات -بشهادة الأمم المتحدة على الإسلام والمسلمين- أن تنتهي نهائيًا؛ لأن المخدرات لها رعاية خاصة، أخو كرزاي هو الذي يرعى المخدرات، وبعض الناس في الأمم المتحدة والناتو، كل هؤلاء مافيا ضخمة، هذه البلد ستكون سهلة رخيصة للمخدرات إذا قضوا على طالبان.

اتهموه بأنه يحارب النساء ويحارب التعليم، هذا الرجل أنشأ مدرسة لتعليم النساء، والطب، والحياكة، رغم أن الأصل تعليم الرجال المساكين هؤلاء الفقراء، ملايين مقطعة الأوصال نتيجة الألغام وغير ذلك والجرحى الذين جُرحوا في الحروب، ورغم ذلك فعل الرجل. ولكن هو كان يريد الإسلام والالتزام بالهدي الظاهر.

هم بعد ما فعلوا ما يُسمى “التحرير”، وهو التنجيس والطمس والتدمير لكابل، هل تغير شيء؟
النسوة حتى الآن رغم الفجور ورغم هؤلاء الهندوس ورغم كل هذه الملل والنحل التي جلبوها من أوروبا ومن دول الهند ومن غيرها، لا يزال الشادور كما هو، ولازم اللبس الذي تلبسه النساء، رغم أن هذه المدينة متفرنجة جدًا.
هذا الملا عمر، الأمن، الأمان، قضى على المخدرات، وكان في البداية هناك تحسينات واتفاقات مع الصين وغيرها في البترول وغيره. الرجل فعل أشياء كثيرة، ورغم ذلك كانوا يتهمونه، هذا محطم الأصنام، يقولون عليه مشرك!
يا رجل عيب! حتى أنتم حرستم قبر الرجل الباشا التركي، هل يجوز شرعًا أن تحرسوه؟ أنتم كنتم واقفون باسم الخليفة وباسم دولة الإسلام تحرسون قبر الباشا عند الأتراك، هل يجوز هذا شرعًا؟ بلازمتكم هل يجوز؟ وكيف تتفقون مع هؤلاء المرتدين؟ وأنتم تقولون لا يجوز الاتفاق مع مرتد ولا معاهدة مرتد. والملا عمر في أصنام بوذا كل الدنيا ذهبت إليه، دمّر أصنام بوذا لأنها كانت تعُبد في ذلك الوقت، وليست أصنام حلية هكذا، ليست مثل الأصنام المصرية، ليست مثل الأهرامات، كانت تُعبد يعبدها اليابانيون، والبوذيون يعبدونها ويقدسونها، ولذلك هو حجّ العلماء في ذلك.

يُقال عنه مشرك؟! هذا الذي ائتسى بنبي الله إبراهيم، وحجَّ العلماء وقال لهم لما أتوا ليجادلوه وكان منهم القرضاوي ومجموعة من المشايخ في مصر وغيرها من العالم الإسلامي. أخجلهم، قال هاتوا الأدلة الشرعية.

هذا هو الملا عمر، هذا الموحد، الذي يُتهم الآن من حراقيص وصبية وأشرار البغدادي يتهمون هذا الرجل بالشرك! ويفرحون بمقتله! يقولون قُتل، مات، فرحانين. يظنون هم على مثال “خلا لك الجو فبيضي وفرخي”. الملا عمر مات فمعناها أن أهل أفغانستان، والقبائل، وكل هؤلاء الطالبان، سيأتون راكعين، ويقولون له يا خليفة المسلمين في الموصل نحن نبايعك!
واهمون، مساكين، تعيشون في خرافة، وفي أوهام. اليوم جاءكم ما يسوؤكم. البيان في صبيحة هذا اليوم، بيان مجلس شورى الإمارة الإسلامية بأفغانستان، بينوا أنهم اختاروا أهل الحل والحق، يعني أهل الحل والعقد. اختاروا مجموعة من العلماء وبعد ذلك اختاروا الملا أختر، وهو كان أصلًا نائبًا سابقًا للملا عمر رحمه الله. الملا أختر من السابقين والمجاهدين، لم يأت على حين غرة أيضًا! الملا أختر كان هو الذي يقيم الإجراءات كلها في طالبان، كان هو المسؤول عن كل الإجراءات والاتفاقات.
الملا محمد أختر منصور تم اختياره بإجماع العلماء ومشورة العلماء. واختاروا نائبين وهما: هبة الله اخند زاده وهو الرئيس العام للمحاكم الإسلامية في أفغانستان كلها، والملا الآخر ملا مشهور جدًا وهو الملا سراج الدين ابن الشيخ جلال الدين الحقاني، وهذا دليل على أن الملا سراج الدين القائد الشهير ابن القائد العظيم حقاني لم يُقتل كما أُشيع، اليوم قالوا أنهم اختاروه نائبًا أيضًا، اختاروا الملا أختر ومعه نائبان. فموتوا بغيظكم فهذا ما يسوؤكم، علماء أفغانستان اختاروه وانتهى الأمر.
دعك من شغب المشغبين هؤلاء، أحدهم يكتب في تويتر ويقول بعضهم يرفض هذا الاختيار، هؤلاء المشاغبون المطاريد يأتون إلى بعض وسائل الإعلام في باكستان، ويتصلون بهم ويقولن نحن نرفض، ولا يوجد لهم شيء، كنسوهم حتى في ننکرهار لما قتلوا وغدروا. قتلوا الوالي من طالبان، هؤلاء المطاريد الذين أيدوا هذا الخليفة السفاح السفاك للدماء، الخارجي قاتل المسلمين، فلما قتلوا الوالي قتلوهم وأخرجوهم من ننکرهار ومن الأماكن التي كانوا فيها. فلا تفرحوا كثيرًا.
لأنهم يظنون أنه لما مات الملا عمر معنى ذلك أن أفغانستان وطالبان لا بد أن تبايع، أنت أصلًا حتى لو كنت صالحًا فخلافتك باطلة. هؤلاء يظنون أننا نعترض عليهم بسبب الخلافة، القضية ليست هكذا، نحن اعترضنا في البداية لأنهم يكفرون المسلمين بدون ضوابط، وأعملوا السيف في المسلمين واستباحوا الدماء المعصومة بالإسلام هذه ناحية. سفكوا الدماء فقلنا عنهم خوارج، ثم بعد ذلك أعلنوا الخلافة هذه مسألة أخرى، قلنا لهم أن هذه خلافة باطلة.

يا رجل حتى طالبان لما اختارت في مجلس الشورى صبيحة اليوم ذكروا لنا الأسماء، وذكروا لنا شخصيات معروفة، وهذه أسماء معروفة عند طالبان، فمن هم؟ من هم الذين اختاروا هذا الرجل الذي ليس له أي سابقة أو تاريخ، ليس له أي شيء، فقط قالوا أنه قرشي. -ويلا مشي ولبسها في أي قرشي حتى يكون أميرًا، الرجل كبر في دماغه ظن أنه خليفة بحق!-، أنا لا أريد أن أعكر عليكم بهذه السيرة، ألاحظ أنكم تشمئزون عندما نذكر سيرة هؤلاء السفاحين السفاكين.

لكن انظروا إلى الملا عمر، هذا الملا عمر الذي ضرب أروع مثل في التاريخ، الذين عاشوا هذه الحقبة لن يشعروا بها جيدًا، سيشعر بها الذين يأتون ويكتبون بعد ذلك من الأجيال القادمة إن شاء الله، سيشعرون بعظمة هذا الرجل، عندما تعرض عليه أمريكا كل مغريات الدنيا، ويبقى في السلطة، ويبقى حاكمًا مسلمًا لكن لا بد أن يسلم لهم هذا الرجل المسلم والجماعة التي معه، يعني الشيخ أسامة -رحمة الله عليه- والدكتور أيمن، فقط رجلين، يسلمهما لهم ويعيش آمنًا، ويحكم بالشريعة أو يحكم بأي شيء لا يهم. كما فعلوا مع آل سعود فهم كانوا يحكمون بالشريعة في الظاهر. ولكن الرجل قال: “هذا وعد بوش وهذا وعد الله، وعد الله أرحب، فاخترت وعد الله وتركت وعد بوش”.

ولذلك {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ}، انظر كم سنة يحاربون الملا عمر، من 2001 في 7 أكتوبر هذا التاريخ الذي لا يُنسى، قنابل الإجرام وأكثر من ثلاثين دولة دمرت هذا البلد المسلم. بل بموافقة هذه الحكومات المحسوبة زورًا على الإسلام والمسلمين. أول واحد من عائلة الملا عمر قُتل كان عمه محمد، وعمه محمد حنيفة هذا قُتل، وقُتل له في المعارك أربعة من عائلته لوحده، وحتى في اليوم الذي ضربوا البيت قُتل عدد من عائلة الملا عمر. فقط أحبابه، وأبناء عمومته، وأخواله، وإخوته، وأعمامه.
هذا الرجل لم يأتِ على حين غرة هكذا، الرجل مبتلى منذ صباه، ومنذ صغره، ومنذ يتمه، إلى أن صار أميرًا للمؤمنين في أفغانستان وهو يتعرض للمحن ويتقلب في المصائب، ورغم ذلك رفض أن يرضخ للظالمين، وله كلمات في غاية الحسن، وغاية الروعة، أن الإنسان ممكن يموت، والبدن يموت، لكن الدين لا يموت.

هل رأيتم حاكمًا في هذه الحقبة على مدار مائة عام تكلم عن الدين؟ الناس عندنا من غير شيء وبدون أي مقدمات قرون استشعار عند حكام من يُسمون حكام المسلمين هؤلاء يقدمون الدين أصلًا، يقولون خذوا الدين، ولو ضغطوا عليهم أكثر يقولون والله لو تأخذوا الكعبة وتجعلوها في آلاسكا وتريحونا!


هذا الرجل لم يتنازل عن دينه، وقال لهم هاتوا لنا أدلة. تذكرون المفاوضات التي دارت وكان سفير باكستان آنذاك هو عبد السلام ضعيف، عندما كان يقول لهم: ويقول السرخسي في (المبسوط)، وفي القدوري، وفي (العناية)، والمرغناني في كذا، وفي (الهداية) كذا، ويقول أبو الحسن. وهم يسخرون منه ويضحكون، هو يحتج لهم بأقوال علماء الأحناف على أنه لا يجوز تسليم المسلم للكافر، وقال لهم الملا عمر بكل صراح: هاتوا لنا أدلة، ولو سلمناه بعد الأدلة لمسلمين ولن نسلمه للكفار، ولا يجوز لي أن أسلمه.
ولما جاءه تركي الفيصل رئيس المخابرات أعطاه درسًا قاسيًا، ورفض أن يسلمه لهم. قال له: أنت من بلد الحرمين والتوحيد وتذهب لتعبد جورج بوش! هذا هو الملا عمر، هذا هو الاختبار الحقيقي، لا لهؤلاء الذين يختبئون في مغارة تحت الأرض ويغررورن بالشباب.

الملا عمر كان في إمكانه فعلًا أن يظل حاكمًا، وأن يظل يحكم أفغانستان، لم يذكر الملا عمر -وهاتوا لنا دليلًا واحدًا أو أي شيء مكذوب حتى- أنه تبرأ من الشيخ أسامة وتبرأ من كل الضيوف المهاجرين عنده، بل إنه ظل يدافع عنهم، ويدعو لهم بالخير. مع أنه من الناحية الواقعية لم يكن له ناقة ولا جمل فيما حدث في 2001 في موضوع أحداث سيبتمر فيما يسمى “أحداث البرجين” لا علاقة له بالموضوع، ورغم ذلك تحمل الأذى ولم يلمه شعبه. لم يخرج عليه شعبه ينتقم منه ويقول له أنت تسببت مع هؤلاء الضيوف الذين دمروا البلاد والعباد، تخيل لو كان الملا عمر حاكمًا عربيًا من نوعية الحكام الموجودين الآن لسلمهم ولسلم الشعب معهم في مقابل أن يبقى في الحكم.

ورغم ذلك رفض الملا عمر، ولم يلمه شعبه، ولم يلمه القادة الذين معه، ولم يوبخوه، ولم يتكلم بأي إساءة لهؤلاء الضيوف ولهؤلاء المهاجرين. هذا النوع تجديد لم يكن موجودًا، فهو مجدد في الوفاء، مجدد في الصدق، مجدد في الجهاد، مجدد في الهجرة، مجدد في الضيافة وفي الكرم وفي كل شيء. حاتم الطائي يذبح ثلاثة جمال وضُرب به المثل في الضيافة، هذا رجل ضاع ملكه، وضاع سلطانه، وقُتل شعبه! ورغم ذلك تقول لي أكرم من حاتم نعم أكرم.

هذا هو الملا عمر. هذه الأمة بسبب شؤم معاصيها وبسبب هؤلاء العلماء الذين خذلوها فالله حرمهم من الملا عمر، محرومون، أنا أقول لكم حتى الآن هل رأيتم -وكل العالم تكلم عن وفاة الملا عمر- هل رأيتم أو سمعتم حتى الآن حتى لا أظلم إلى هذه الخطبة لم أقرأ لاتحاد علماء المسلمين الذي عنده ما شاء الله “إسهال” في البيانات لأي حاكم ولأي طاغية، يرثي الملا عمر؟ أو يذكره بكلمات خير؟ أو يدعو له؟ أين اتحاد علماء المسلمين؟!

بعض هؤلاء من اتحاد علماء المسلمين بما فيهم الشيخ القرضاوي قابلوا هذا الرجل، وجميع من قابله يشهد على زهده وورعه وتقواه، ورغم ذلك لم يذكروه حتى ببيان يتيم. أين بقية المنظمات الإسلامية وغير الإسلامية؟ حاكم مسلم وضاع ملكه وكان شرفًا وعزًا للمسلمين ورغم ذلك لم يتكلموا عنه بجملة حتى يتيمة، بأي عبارة حتى يتيمة. فقط الناس هم الذين يتكلمون.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

———————-

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، نثني عليه الخير كله، نشكره ولا نكفره، ونخلع ونترك من يفجره، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجد بالكفار ملحق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وبعد؛

رحم الله الملا عمر أمير المؤمنين الإمام المجدد. إذا أردت أن تغيظهم تعبدًا لله قل لهم الإمام المجدد؛ يُصابون بالسعار، نعم هو المجدد بحق.

هناك شبهة لا بد أن أجيب عنها، كنت أتمنى أن أتكلم عن كل المآثر، لأن الموضوع كبير وطويل والخطبة لن تفي بهذا الغرض. ولكن شبهة تاريخ الوفاة:

أول من أعلن الوفاة رسميًا وقالوها في مؤتمر كانت حكومة العمالة في أفغانستان، وكل خبر عاجل في وكالات الأنباء أنهم سيتكلمون عن وفاة الملا عمر. قالوا لما خرجوا بالموضوع لم يحسموا الأمر ولم يؤكدوا الخبر قالوا أنه هناك أخبار واردة بوفاة الملا عمر ونحن لا زلنا نتحقق منها. أول الخبر كان هكذا، بعد ذلك بيان مقرب من طالبان في البيانات الموجودة على تويتر وغير ذلك قالت الأخبار كاذبة وهذه شائعة، اليوم الثاني مجلس الشورى بلغة البشتون وبغيرها أكدوا وقالوا الخبر صحيح أن الملا عمر تُوفي.
ونحن علقنا ساعتها بما علمنا {مَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا}، فنحن كنا نعلق على طريقة عرض مثل هذه الأخبار لهذه الشخصية العظيمة، الشخصية العظيمة الكبيرة، مثل صعاليك الحكام وهؤلاء الأمريكان عندما يأتون دائمًا في إعلان خبر واستقرئ التاريخ، كل من أكد الخبر كان الأمريكان دائمًا في مقتل هؤلاء. الشيخ أسامة الذي أكد خبر مقتله، فهم أذاعوا أنهم قتلوه عدة مرات، لكن من الذي أكد الخبر؟ أوباما بنفسه هو الذي أعلن الخبر. إذًا هذا الخبر أكيد، لأنه استحالة بجميع المواصفات أن رئيس دولة كبيرة سيقول إشاعة مثل هذه، هذه تنفع في الدول العربية.

قبله الشيخ أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر، وكان قبلهم الشيخ أبو مصعب الزرقاوي -رحمة الله عليهم- أيضًا الأمريكان هم الذين أكدوا ذلك، رغم أن هؤلاء حكومة الخضران في العراق هي التي أعلنت عدة مرات، وجيء برجل وقالوا مرة أنه هو أبو عمر البغدادي -رحمه الله-، واعترف على نفسه أنه هو أبو عمر البغدادي ثم لم يكن هو أبو عمر البغدادي. والأمريكان ضحكوا عليهم ولم يعلقوا على الخبر في ذلك الوقت. لكن لما حدث الأمريكان علقوا.


– الأمريكان عندما يقتلون بأنفسهم أو بواسطة تابعة لهم يعلنون بأنفسهم، لا ينتظرون أحدًا.

الذي حدث مع الملا عمر هذه أكبر آية من آيات الله أن أمريكا والذين يعتقدون في أمريكا أنها تعلم السر وأخفى، هذه هي أمريكا لم تعلم لا سر ولا أخفى في دولة عندها آلاف من قطعان الجواسيس فيها، وحدات من كل من تتخيلون من التجسس موجودة في أفغانستان، والمخابرات الباكستانية والأفغانية وكل هؤلاء وعندهم الأقمار الصناعية لم يستطيعوا أن يعرفوا خبر وفاة الملا عمر. ومن الذي أكد خبر وفاة الملا عمر؟ هم طالبان أنفسهم، مجلس الشورى.

ما معنى ذلك؟ أن هؤلاء لا يعلمون كما تظنون كل شيء إلا إذا أبلغتهم أنت وأخذوا المعلومة منك.
فإذًا لو كان الخبر كما الآتي: لو كان الخبر أنه تُوفي منذ سنتين كما يُقال، قالوا أنه تُوفي في موقع أنا أكاد أشك في هذا الموقع، هذا موقع محسوب على ما يُسمى مكتب سياسي هكذا لطالبان، قد يكون مخترقًا أو أي شيء، لأنه حتى لو كان صحيحًا لا يستقيم مع البيانات الأخيرة هذه، يقول لك الملا عمر مات منذ سنتين في 2013م، والتفصيل أنه كان في باكستان وكان في مستشفى وأدخلوه .. ،كلام لا يستقيم، الملا عمر وفي مستشفى وباكستان! ما شاء الله الملا عمر وواحد طبيب يكشف عليه هكذا!
إذا كان الشيخ أسامة على الرواية التي نعلمها أن الذي تسبب في هذا الموضوع الطبيب الذي دخل ليعمل تحاليل (DNA) وغير ذلك، عرف أن هذا هو الشيخ أسامة، فما بالك بالملا عمر، يذهب إلى باكستان ما شاء الله ويمرض هناك ويحملوه ثم ينقلونه إلى قندهار وكأنه لا يوجد أعداء والعملية سهلة هكذا. هذه الرواية هي التي يُقال أنه تُوفي سنة 2013 وهي رائجة جدًا.
أنا سأسلم بهذه الرواية جدلًا، طبعًا حتى الآن طالبان لم تقل لنا بالتاريخ بالضبط متى تُوفي، لكن هذه الرواية لو كانت صحيحة فهذا يدل على عبقرية طالبان، وعلى أنهم وصل بهم الكتمان والذكاء بمكان أنهم تلاعبوا بكل مخابرات العالم، سنتين والعالم وطالبان لم تتغير، من يعرف جغرافية أفغانستان، طالبان الآن في قندوز في الشمال، طالبان فتحت حوالي أكثر من ثمانين قرية في قندوز، في أقصى الشمال، وعدد العمليات التي تعملها يوميًا لا تتخليونها، فتوحات يومية على مدار السنتين هاتين، معنى ذلك أنه في خلال سنتين لا شيء تغير. دولة مؤسسات تتحرك آليًا.

أنا أسلم بهذه الرواية مع أن هذه الرواية لا تستقيم مع البيان الأخير وسأقول لكم لماذا، نسلم جدلًا أنه تُوفي منذ سنتين، فنائبه يتحرك ويقوم بهذا.

قد يقول قائل من الصعاليك والحراقيص الذين يحترفون الكذب أغيلمة وحراقيص وحرافيش البغدادي، يقول لك: إذًا كانوا يوقعون ويكذبون على الأمة، يا غبي! هم في حرب. حتى لو سلمنا براوية السنتين، هم لا يقرؤون في التاريخ، وعقولهم سلموها إلى أرجل غيرهم. انظروا في حوادث حدثت في التاريخ: شجرة الدر المؤخرون يمدحونها لماذا؟ لأنها كتمت خبر وفاة زوجها السلطان نجم الدين بن أيوب؛ لأنه كان في الحرب الصليبية في موقعة المنصورة الشهيرة، أخفت الخبر عن الجنود وعن القادة ولم يعلم به إلا المقربون جدًا، هي وقائد الجيوش والحرس الخاص والحاجب فقطـ، وكتمت الخبر، وكانت تصدر الفرامانات باسم السلطان، والسلطان ميت، ولم يعلم الجنود في ذلك الوقت. وهذا موجود اقرؤوا في كتب التاريخ عن هذا الذي حدث، وكان الملك ميت، وهذه الحوادث تكررت عند الشرق وعند الغرب.

يجوز من ناحية المصلحة الكذب في الحرب كما في نص حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الحرب خدعة)، ربما رأوا -والله أعلم- رأى المحيطون من أهل العلم عندهم أنه ليس من المصلحة الآن الإعلان لأنهم في حالة حرب، طالبان تحارب أكثر من ثلاثين دولة حتى الآن. أنت تعتقد أن الأمريكان تركوها؟!

رغم أن هذه الرواية أنا أصلًا أكاد أشك فيها، هي لا تستقيم مع الرواية الأخيرة، لأن أسرته أعلم ومجلس الشورى أعلم من الرواية التي يقول عنها صاحبها أنه أتى بها من مكتب سياسي ولا يوجد له أي صفة رسمية، اجلس واقرأ البيانين: بيان مجلس الشورى الأول الذي نعى للأمة وفاة الملا عمر، واستمع إلى المتحدث الرسمي باسم حكومة أشرف غني رئيس أفغانستان المعين هذا. هذا العميل وهؤلاء قالوا إنهم عندهم معلومات أن الملا عمر تُوفي منذ أيام، هذه في المؤتمر، فهم يريدون أن يتأكدوا من هذه المعلومة، وهذا يدل على أن الملا عمر تُوفي تقريبًا بعد العيد، لأن كتابة البيان يقولون فيها وظل أربعة عشرة عامًا يجاهد، طيب أربع عشر عام يجاهد هؤلاء الأمريكان يحسبونها من 2001 يوم الغزو ونحن الآن في 2015 إذًا كم عام؟ 14 سنة الملا عمر يجاهد. فلو كانت المسألة 2013 لم يقولوا هذا. إذًا هي أربعة عشرة عامًا وقالوها أسرته ومجلس الشورى، وابنه الملا مولوي يعقوب، ومعه هؤلاء الأعيان هم الذين قالوا ذلك.

ومجلس الشورى عبارة عن تسعة من الكبار وبعضهم مراكز أصلًا، بعد ذلك هناك مجلس القضاء المستقل، والمجلس العسكري، والمجلس الذي يرعى الحرب، أكثر من 34 مديرية، لا تتخيلوا أن طالبان تسير خطًا عشوائيًا، الأنباري يحركها هكذا أي كلام، لا أحد يعرف هو أين يذهب أصلًا، فقط ادخل المسجد فجر نفسك واقتل المجاهدين نعم، اذهب ادخل على مارع، هرب من الحكسة ومن البككة ومن البنات هؤلاء الذين دمروهم فيدخل على مارع وينتقم من المجاهدين في المسجد والمسلمين، هم فقط فالحون في ذلك! فجر نفسك في الأسواق العامة! لكن طالبان لا تفعل هذا.

هل سمعتم يومًا أن الملا عمر ذبح المجاهدين؟ حتى الذين يخالفونه هل ذبحهم؟ هل سمعتم يومًا أن الملا عمر ذبح الصحفيين الكفار الذين تجسسوا حتى على طالبان؟ حتى لما قبض على “إيفون ردلي” الصحفية أسلمت بعد ذلك بسبب المعاملة الحسنة، هل سمعتم أنه وضع مجاهدين أو مخالفين أو وضع صحفيين أو وضع أي شيء في أقفاص وحرقهم أو أغرقهم هكذا وذبحهم؟


هل الملا عمر فعل ذلك؟ لما أسر بعض الجنود الأمريكان ماذا فعل؟ صبر، سنوات في المفاوضات، بعضهم استمر خمس سنوات مفاوضات، وأخرج مجموعة من قادة طالبان الذين أخرجهم من غوانتانامو بسبب هذا الصبر. لم نسمع أنه كان ذبَّاحًا قتَّالًا سفَّاكًا مكفرًا للمسلمين، حاشاه، معاذ الله -سبحانه وتعالى- أن يكون الملا عمر كهؤلاء الذباحين القتالين السفاكين.
أعطونا مثالًا أو دليلًا أو أي أثارة من علم أو قصاصة من هنا أو هناك حتى لو كذبًا أن الملا عمر فعل ذلك أو أن طالبان تفعل ذلك، بل إننا كنا نقول ما هذه الليونة مع خصومهم؟ هم حتى مع خصومهم في غاية اللين، ولذلك كسبوا الناس وكسبوا الخصوم بسبب هذه المعاملة.

شعوب جبال الهندكوش، تورا بورا، ناس ترعرت في هذه الجبال، يأبون الظلم والضيم، هذه شعوب أحرار، ناس ولدت أحرارًا لا يتحملون الظلم. ولذلك ما كان ينفع معهم إلا الملا عمر، هو الذي يروض هذه العقول وهذه العقليات الجبارة. الأفغاني لا يهمه شيء، ممكن يعيش على اللفت والشاي ولا يهمه الهمبرجر، لا مثل هؤلاء الذين جاؤوا من أوروبا من الشباب أو بعض الشباب الذين نزلوا الشام، كل واحد معه آي باد وموبايل ولا بد يكون معه الكَانز ويشرب السفن أب، ومجاهد ويضع الكلاشينكوف والدولارات، ما المودرن هذا؟ وينام على الموبايل ويعمل في الموبايل. الأفغان لا علاقة لهم بمثل هذا الطرف. ولذلك قذف الله محبتهم في قلوب المسلمين.

لا تغتروا بهذه الفقاعة التي ظهرت فجأة، سحابة الصيف التي ظهرت فجأة من الموصل ومن الرقة وهؤلاء الذباحين إلى زوال. إن شاء الله آخر السنة هذه أنا أقول لكم سيظلون نتوءات هكذا، خلاص انتهت دولتهم بإذن الله، انتهت على آخر العام بإذن الله، لم تبقى إلا نتوءات فقط هكذا، سيكنسهم المسلمون كنسًا بإذن الله.

إذًا عندما تقول لي منذ سنتين هذه الرواية لا تستقيم مع البيانين، والبيانان مؤرخان في أي تاريخ؟ واحد مؤرخ في في 13 والآخر في 14 من شوال يعني أول أمس، وأعلنوا في آخر البيان أنهم سيتلقون بدءًا من يوم الرابع عشر شوال العزاء في جميع المديريات وجميع الولايات، لو كان الأمر منذ سنتين سيتلقون العزاء الآن مع هذا الشعب؟ وعملية العزاء هذه لها حساسيات عندهم وليست بهذه السهولة، لو كان الأمر منذ سنتين لكانت طالبان انتظرت ولا يهمها لا عمل ولا شيء، وكانت عملت فيديو جميل هكذا، ورتبوها بطريقة أخرى غير هذه.

لكن أقرب المسائل -حتى يأتي دليل آخر- أن الملا عمر مات حديثًا، وأن المعلومات انتشرت بقوة نتيجة بعض المقربين، لكن الذي نبش في موضوع وفاة الملا عمر من؟ هؤلاء المطاريد المجرمون، هؤلاء المنشقون على طالبان، هؤلاء الخبثاء الذين استعجلوا وكانوا يستفزونهم، لأن مرض الملا عمر كان قبل ذلك. مرض الملا عمر واضح أنه منذ فترة، وكان النائب الملا أختر يقيم هذه المراسيم، ولكن واضح أن بعض الشخصيات علمت بمرضه، وهؤلاء أصحاب الأمراض والعقول أرادوا أن يتوصلوا إلى بيعة من الملا عمر أو يتواصلوا معه حتى فرُفض طلبهم، فأخذته الحمية والعزة بالإثم، فلجأ إلى هؤلاء المساخيط، هؤلاء الذين شقوا صف الأمة، فلجأوا إلى قصة أن البغدادي خرج في فيديو في الموصل -الذي خطب فيه وأعلن فيه الخلافة- لماذا لا يخرج الملا عمر؟ لاحظوا ربطوها لأن الملا عمر لم يخرج.

أيها الخبثاء، خرج عشر دقائق، ومسجلة، ولم يخرج بعدها -وإن شاء الله لن يخرج إلى قيام الساعة-، لم يخرج بعدها إلا عبر نظام يسجل رسالة على حين غرة، يأتي خادمه الصعلوك هذا الزوابري ثم يروج له ويقدم له، هذا فقط. طيب الملا عمر أنتم تعرفونه شخصيًا، وبايعتموه شخصيًا، وكل أفغانستان تعلمه، وله أحاديث، وقابلتموه وكان له مقر إمارة. أين مقر إمارة أمير المؤمنين البغدادي ابن عواد؟ أين هي؟ اذهب إلى الموصل حتى، الناس يا رجل حتى في مدينة الموصل في رعب. هل أحد يستطيع أن يلجأ، أين مقام هذا الرجل وأين يبيت أصلًا؟ من جحر إلى جحر، رغم أنه يتحكم في مدينة الموصل الآن، أين هو؟!
ثم شغبوا على بعض الغوغاء وقالوا لماذا لا يخرج مثل ما خرج هذا الخليفة، بسبب من؟ لأن مجموعة من المنشقين في طالبان باكستان هم الذين أوعزوا وحرضوهم على ذلك فدفعوا طالبان، وطالبان عندها صبر، يقولون هذه مهاترات، لكن زادوا وحدث انشقاق للبعض وأخرجوا فيديو وأتوا بمجموعة من الذين يشربون المخدرات والمطاريد وحثالات البشر، ووقف واحد وصور نفسه “ونحن نبايع إبراهيم بن عواد”، أي البغدادي.

فصوروا للناس أنهم قوة. أنت لست وحدك في العالم، المعلومات وصلت على المخابرات الأفغانية لأنها متغلغلة أيضًا في الشعب، أنت تحسب المسألة هكذا، نعم ليست لها بقوة لأنه لو كانت المخابرات الأفغانية بالقوة كانوا قبضوا على الملا عمر، بالله عليك لو مريض وعرفت المخابرات الأمريكية أنه مريض في أي مكان لأنزلت جيش المارينز كله يحاصر المدينة كلها ويقبضوا عليه حيًا، حتى لو كان ميتًا سيأخذونه جثة هكذا، فهذا دليل ضعفهم.

الله من ورائهم محيط، من يعبد أمريكا فإن أمريكا أضعف من خيط العنكبوت، ها هي لم تعلم بخبر مرض الرجل، ولم تعلم أين يقيم رغم أنه كان في قندهار، ورغم ذلك في البيان يقول ولم يخرج في حياته. نصدق من؟ البيان الذي نعوه وقالوا سماحة أمير المؤمنين لم يخرج يومًا واحدًا من أفغانستان، يعني رواية أنه كان في باكستان ومرض والأفلام الهندية هذه يكذبهم هذا البيان، والذي كتب هذا مجلس الشورى وأسرته والشيخ سراج الدين حقاني والمجموعة هذه ونائباه والعلماء هم الذين كتبوا هذا البيان، وقالوا أنه لم يخرج يومًا من أفغانستان، وظل يجاهد في أفغانستان حتى وفاته، قال قبل حتى وفاته لما دهمه المرض من أسبوعين، يعني لما تحسبها أنها قبل وفاته من أسبوعين وتحسبها على هذا البيان يعني بعد العيد، لأن عيد الأضحى مر بعد أسبوعين، ممكن يكون الملا توفي بعد العيد مباشرة، ربما يكون هكذا حسب هذه الرواية.

وأنا أتمنى من طالبان وإدارة طالبان أن يقولوا لنا بالنص تحديدًا متى توفي بالضبط، يا جماعة مات من عشرة سنين أو من خمسة سنين فأنتم في حرب وممكن تستخدموا التمويه والتكتيم، نعم دعكم من شغب هؤلاء الحراقيص والله مهما قلتم وفعلتم سيشغبون عليكم، لكن الآن يجب أن تقولوا للناس. ولكن البيان واضح بصراحة أنه يقول منذ أسبوعين من وفاته والعزاء من الآن يعني من يوم 14 إلى ثلاثة أيام، يعني اليوم وغدًا يكون أيام العزاء، هذا هو المستقيم. لم يخرج من أفغانستان إذًا مات في أفغانستان، لم يخرج ولا ذهب إلى باكستان ولا غيرها، إذًا رواية السنتين من الذي يروج لها؟

والله حتى لو مات منذ سنتين هو ضدكم أصلًا، لأنه لو مات منذ سنتين فطالبان كما هي، طالبان مؤسسات، طالبان تنتصر.
بالله عليك الملا أمير المؤمنين مولاهم ميت منذ سنتين وهم يصرّفون شؤون العباد، وينتصرون ولا يوجد أي شيء خطأ، والعمليات شغالة، ومن عدة أشهر قصة مكتب قطر وموضوع المفاوضات وغيرها، وهذا دليل أن طالبان قوية، والأعداء يعترفون لها بذلك.
إذًا من الذي يروج أكثر في موضوع السنتين؟ هم أتباع البغدادي، تنظيم سفك الدماء، لأن من مصلحتهم ذلك حتى يقولوا انظروا معناها أن الدكتور أيمن بايع واحدًا غائبًا، بايع واحدًا ميتًا، يريدون أن يقولوا ذلك. يا أيها الخائبون، هذه البيعة تتم هكذا، أنت تظن أن الدكتور أيمن سيذهب ليجلس مع الملا وهذا مطلوب وهذا مطلوب! إذا كان الشيخان لم يجتمعا معًا بعد 2001، يعني الشيخ أسامة والدكتور أيمن، هل هناك اثنان قائدان حتى في عرف الأبجديات العسكرية والأمنية هل الرئيس ونائبه يمشون مع بعض؟ أو القيادات الكبرى تمشي مع بعض هكذا؟! ممكن ضربة أمنية واحدة تأخذهم جميعًا، ويذهب يسلم على الملا عمر هكذا؟ لكن عن طريق الأمراء، والمندوبين، حتى تصل إلى نائب الأمير ومجلس الإدارة. لأن طالبان مؤسسات، ولها تراتيب، وسبحان الله من رحمة الله أن الرجل من عدة سنوات كتب ما يُسمى التراتيب الإدارية للإمارة الأفغانية، له تراتيب إدارية وهيكل عام كيف يتصرف المسلمون في الولايات، وطالبان تتعامل على هذه المؤسسات.

إذًا طالبان في مجلس شورتها الأخير بينت لنا العلماء الذين اختاروا الملا أختر، الذي نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يكون خير خلف لخير سلف، وأن يوفقه الله -سبحانه وتعالى- أن يكون حاكمًا عالـمًا مجاهدًا، وألا تأخذه الرحمة في هؤلاء الغلاة المجرمين، لا تأخذه الرحمة في هؤلاء. إذا كنتم تجاهدون الغزاة فأيضًا جهاد الغلاة هو من باب أولى لأنهم يلبسون على الناس، ولأنهم سيشرخونكم، وليعلم الغلاة خوارج العصر الجدد أن أفغانستان ليست كالشام؛ الشام الناس كانت رخوة معكم، والعرب والناس وخليط، أما هذه قبائل قوية وعشائر لن تتحمل مثل هذا.

أولًا لن تتحمل مثل هذه الأفكار، لا يوجد في الشعب الأفغاني من يسمون المكفراتية والذباحين وكل التأصيلات التي تسمعونها، الشعب الأفغاني مستحيل يتحمل مثل هذه الأفكار، حتى لو مع غير الملا عمر، لا يتحملون مثل هذه الأفكار.
فهذه نتوءات، وأورام خبيثة تحتاج إلى الاجتثاث، وتحتاج إلى البتر حتى يستقيم الجسد كاملًا ويُعافى، هذا هو الحل. لا تنتظروا حتى يستفحل الداء كما استفحل في الشام، حذاري ثم حذاري؛ لأنه إذا سكتم فهم مكارون وماكرون مخادعون يمارسون عليكم التقية، فإنهم عندما يضعفون يقول لك أخي في الله وأنا في مشاكل، وعندما يقوون سيذبحونكم ذبحًا ويقتلونكم، ولا يرقبون فيكم إلا ولا ذمة. انظروا إلى مجلة الإفك (دابق) مجلة الضرر والخبث والخبائث تكفر العلماء وتكفر الأمة، الملا عمر مشرك! الشيخ أسامة مرجئ! هذا صحوجي، وهذا زنديق!

ولذلك أنا أختم بهذا: هؤلاء الذين لا يزالون يؤيدون تنظيم الدولة، والذين شمتوا في الملا عمر فأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن ينتقم منهم وأن يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، لهذا البغدادي ولمن ينصره ومن يناصره، لأن الذي يؤيد البغدادي {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} فهو منهم، أنت منهم! لأنك معنى ذلك أنك تؤيد البغدادي على ماذا؟ يقول لك أنا أحبك لكني أؤيد البغدادي، ما معنى تؤيد البغدادي؟ يعني تؤيد قتل المسلمين، وذبح المجاهدين، تفجير مساجد المسلمين والأسواق، وتؤيد سفك هذه الدماء المعصومة بالإسلام. وتؤيد هذه الفتوى الحرقوصية المجرمة الأفّاكة التي اتهمت مليار من المسلمين في أعراضهم، بل إنها اتهمت خيار المجاهدين ونساء المجاهدين بأن الذين لم يبايعوا البغدادي أو يقاتلوا دولة البغدادي فإنهن زانيات! قالت: “هذا هو الزنا بعينه”، يعني عقود المسلمين مفسوخة والمجاهدين، وذكرت جماعة النصرة بالنص، وقالت جماعة المخذول الجولاني وذكرتهم هكذا، يعني كل من يقاتل، نعوذ بالله!
أبو بكر الصديق الخليفة العظيم إمام المسلمين الذي “كانت بيعته فلتة” كما قال عمر، لو قاتلوا أي مسلم عادي ما كانوا يحرمون عليه نساءه، هو قاتلهم لأنهم ارتدوا، هؤلاء تعصبوا وارتدوا ولا يريدون أن يؤدوا الزكاة، هو قاتلهم من أجل هذا. لكن الذين قتلوا عليًا -رضي الله عنه-، من هم الذين قتلوا عليًا؟ أصحاب الجمل، وأصحاب صفين، أصحاب الجمل المبشرون بالجنة وأم المؤمنين عائشة، هل قال لهم علي لأنه الخليفة وتقاتلون دولة الخلافة أنكِحتكم مفسوخة لأنكم تقاتلون الدولة؟! يعني أنكم .. لا أريد أن أقوله كلام خطير جدًا، يعني نساء هؤلاء الصحابة والمجاهدين المبشرون بالجنة زانيات؟! عقد زنا؟! والزانية لا ينكحها إلا زانٍ، تخيل لو طبقوا هذا أعوذ بالله يُطبق على من؟!

من الذي كان يحارب عليًا وجاء ليقاتله، دعك من التأويل، الذين يقاتلونه، أليست السيدة عائشة كانت في الجمل؟ وأليست هي كانت على رأس هذا الجيش أيضًا؟ وأليس طلحة بن عبيد الله والزبير بن عوام وخيار الصحابة كانوا في هذه المعركة الشهيرة؟ وصفين؟ معاوية بن أبي سفيان والمغيرة بن شعبة، وأليس هؤلاء أيضًا الذين تركوا هذا ولم يبايعو لا هذا ولا ذاك وهم محمد بن مسلمة وسعد بن أبي وقاص المبشر بالجنة وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر ومجموعة وكوكبة كبيرة ونعمان بن بشير وغيرهم كل هؤلاء الذين لم يبايعوا عليًا وحتى تجنبوا الحرب أن يدخلوا فيها.


لأنك بمفهوم رأس الخرافة أن الذي يبايع وينشق يقتلوه، ويفلقون رأسه، وجميع المجاهدة في العالم التي تقاتل الأعداء يجب عليها أن تبايع، لم يقلها أبو بكر! لم يقلها علي! وحتى الذين قاتلوهم لم يتهموهم أنهم كفار.
سيدنا علي لم يتهم سيدنا معاوية وأصحابه بالكفر، وأنهم مرتدون، وأن نساءهم زانيات والعياذ بالله! هذا تقوله هذه المرأة التي تُسمى بأم سمية الحرقوصية، بفتوى هذا المجرم الذي يُسمى تركي البنعلي مفتيهم، حتى لا يقول أحد امرأة تقول هذا، لا، هذه فتوى رسمية.
لذلك كل من يؤيد سواء الذين يقيمون هنا في بريطانيا أو في خارج بريطانيا أو في العالم كله فأنت منهم، ويجب عليك أن تزجره، أنت تحاول مرة، مع أخرى أن تقول له وتنصحه، والله لا يجوز السلام عليه بعد ذلك، إذا أصر على أن يؤيد هؤلاء فقاطعوهم بعد أن تستنفذ كل طرق الدعوة معهم. حببه وعرفه لكن إذا أصر فإنك ستكون آثمًا إذا ظللت معه تؤاكله وتشاربه تبتسم له، لماذا تبتسم؟! على من يؤيد اتهامك أنت لأنك لم تبايع البغدادي وأنك ضد البغدادي، وأنه قاتل وأنه خارجي يتهمك أنت في زوجتك أن عقدها مفسوخ وأنها زانية! تقول لي هو لا يقول ذلك، هو يتحمل ذلك. أنت منهم، أنت مكثر سوادهم، وأنت مبايع ومؤيد، فيهم المبايع مباشرة وفيهم المؤيد ولا يزال يدافع عنهم، أنت تدافع عن هؤلاء إذًا أنت منهم.

لذلك صراحة انتهى عصر ووقت الطبطبة والتربيت على الأكتاف، الأخ أصل ممكن يُرجى منه! لا، لا بارك الله فيه إن لم يعد إلى الحق بعد هذا التبيين. كفّروا الأمة وشيطونها وشيطونوا العلماء، ويتكلمون عن العلماء ويقولون هم مرتدون ومشركون، ويتهمون الأمة في أعراضها، ماذا بقي لكي تؤاكل أو تشارب أو تجالس هذا الرجل المؤيد لهذا؟ أنا أتكلم عن الذين يؤيدونهم وأنتم تعرفونهم. هناك مجموعة تؤيد، نعم ظل معه تدعوه مرة واثنين وعشرة حتى تيأس، لكن إذا يئست منه قاطعه، لا يجوز شرعًا أن تصاحب هذا المبتدع الضال فهو فتنة وهو ضلال مبين حتى يتوب.

ضيقوا عليهم حتى يتوبوا إلى الله، لأنه طالما أنت تضحك له وتبتسم له وتأخذه بالأحضان يظن أنه على صواب، لا، هذا ضال مبين، وهذا الرجل لا يستحق ذلك.

ولذلك لاحظوا هم طبقوا منهجهم وأنتم مساكين. هم لا يصلّون معنا، وقاطعونا، وهم يتحزبون في أماكن خاصة لهم الآن. أنا لا أتكلم عن الذين في لندن، أنا أتكلم على العالم الإسلامي كله.

إذًا ماذا بقي؟ لماذا تطبطبون وتربتون على أكتاف هؤلاء؟!

نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يسكن الملا عمر فسيح جناته.

اللهم أسكنه فسيح جناتك يا رب العالمين، وأنزل عليه شآبيب الرحمة، وألهم أهله بالصبر والسلوان يا رب العالمين، واخلف الأمة فيه خيرًا يا رب العالمين.

اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين. اللهم انصر إخواننا المستضعفين الموحدين في كل مكان، اللهم آمين، اللهم آمين.