مجدّد العصر، أمير المؤمنين الملا عمر رحمه الله

Untit 1

Untit 1

أقف وقفة إجلال وتقدير واحترام للملا عمر ولتاريخه المشرف في الجهاد الأفغاني، لكن أعظم صورة من صور التضحية والفداء هي الصورة التي رسمها لنا هذا الرجل المجاهد وهو يرفض تسليم الشيخ أسامة بن لادن ويضحي بإمارته من أجل ذلك.

هل تتصورون يا إخوة أن أميراً في القرن العشرين يضحي بكل إمارته من أجل نصرة الحق؟

ألم تنقطع هذه الصور منذ رحيل الصحابة رضوان الله عليهم ومنذ رحيل الخليفة عمر بن عبد العزيز والملك العادل والملك الناصر؟

كلنا يعلم الثروة التي كانت تنتظر الملا عمر لو أنه وضع يده في يد أمريكا وسمح بإنشاء أنبوب النفط من قزوين حتى موانىء باكستان. وكلنا يعلم أن أمراء عرب لا يملكون إلا عشر ما كان يملك الملا عمر، ولكنهم أعلنوا حروباً وضحوا بشعوبهم من أجل الحفاظ على كرسيهم.

أليس من الواجب أن نقف وقفة إجلال وتقدير واحترام لهذا المجاهد الذي ضحى بحكومته من أجل نصرة دينه؟! كثيرون تناسوا هذا الأمر ولكننا لم ولن ننسى له هذه الوقفة العظيمة والمشرفة والتي سيحفظها لنا التاريخ في سجله الذهبي سجل العظماء.

والله لم أنسى هذا الأمر وفي كل مرة أفكر فيه وأستغرب أن يوجد رجال من طينة أسامة والملا عمر، رجال ضحوا بمليارات ولا أقول ملايين من أجل دينهم، فيما يضحي آخرون بشعوبهم من أجل دريهمات معدودة.

هذه كلمة حق أقولها في حق هؤلاء الرجال، ومهما كان الحال فهؤلاء اجتهدوا وقد يصيبوا ويخطئوا ولكنهم أخوة مجاهدون ونيتهم حسنة، أما الآخرون فنيتهم أصلاً سيئة وهمّهم الوحيد تحقيق مصالح ضيقة.

فليشهد الله سبحانه وتعالى أننا نحبهم في الله ونتمنى لمن يقتفي أثرهم النصر والتمكين إن شاء الله والخزي كل الخزي والخذلان لأعدائهم سواء من العرب أو العجم.

قضية أن يضحي إنسان بإمارة وبملايين الدولارات من أجل أن يتحول إلى ملاحق في الجبال والمغارات وأن يضحي أيضاً صديقه بالقصور والخدم والحشم والشركات من أجل عيشة شبيهة بعيشة الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، قضية غاية في الرقي.

البعض سيقول أن هؤلاء مجانين، ولكننا نقول إنه لا شيء في الدنيا يستطيع أن يدفع الإنسان إلى اتخاذ تلك القرارات المصيرية إلا إذا كان مؤمناً حقاً. وإذا كنا سنسميهم مجانين فلنسمي الفاروق رضي الله عنه مجنوناً وحاشاه أن يكون كذلك.

ربما يرد علينا آخرون ويقولون بأن الخوارج حتى ضحوا وجاهدوا ببسالة ودافعوا بشدة عما اعتقدوه صواباً ولكننا نقول لهم إن الفرق بين الخوارج وبين هؤلاء العمالقة كالفرق بين السماء والأرض.

فهؤلاء العمالقة أعادوا لنا نماذج الصحابة الأوائل والحمد لله رب العالمين، وارتقوا والحمد لله رب العالمين، وجاهدوا وضحوا وقاتلوا وفتحوا باب الجهاد والتضحية. فما فعله الملا عمر وأسامة وكوكبة الشهداء لهو نصر بإذن الله، نصر على هذه الدنيا الحقيرة التي تغر الكثير إلا عباد الله المخلصين. إنهم حينما أرادوا أن يواجهوا أمريكا رغم الهوّة الكبيرة في القوة المادية لم يكن ضرباً من الجنون أو الخطأ. وإنما هو ما أملاه عليهم ضميرهم ودينهم. فها هو الحبيب محمد يرسل إلى غزوة مؤتة ثلاثة آلاف في مواجهة 200 ألف مقاتل، ويصرّ الصحابة أن يخوضوا، فيُقتل من يُقتل شهيداً، ويعود خالد بعد أن أنهكهم الضرب والقتال. ففي بعض المواقع يفرض عليك أن تجاهد وتضحي وتضرب حتى وأنت تعلم أنك الأضعف مادة والأقل عددا وعدة.

لو أراد الملا عمر الشهرة لانتشرت صورته في كل بقاع العالم، ولو أراد المال لقدمته له شركات النفط الأمريكية وهو آمن في بيته، ولكنه اختار دار البقاء وسعى إليها ودافع عن دينه ونصر أخاه رحمه الله .

وكما قلت، خرجت علينا ألسنة السوء لتتهم الملا عمر بالسذاجة والبلادة السياسية ولكن هؤلاء نسوا أو تناسوا أن هؤلاء الرجال لا تهمهم دنيا فانية فهمّهم الوحيد ربح الآخرة.

مواقف عظيمة لا يأتي إلا من رجال عظماء. إنهم حقاً لمجاهدون عظماء تركوا وراءهم البلايين والقصور والمجد الدنيوي الزائل والشهرة الزائفة ليجعلوا كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا وفسقوا وظلموا هي السفلى، ليعزوا هذه الأمة وينصروها بإذن الله تعالى، وما دفعهم إلى ذلك إلا الإيمان الذي امتلأت به قلوبهم ونفوسهم وآيات الله عز وجل وأقوال رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام التي كانت تطرق دوماً مسامعهم، ومواقف الصحابة وبطولاتهم وتفانيهم في سبيل هذا الدين. إنهم من رفع هذه الأمة ومسح عنها صنيع حكامها من الذل والهوان اللذان كادا أن يقضيا على هذه الأمة العظيمة؛ لذلك فقد استحق هؤلاء المجاهدون كل ما أعده الله عز وجل في الآخرة من جنات الخلد والنعيم، إن شاء الله.