وفاة أمير المؤمنين: أحزانٌ ومُبَشَّرَاتٌ

الحمد لله العالي الباقي، والصلاة والسلام على رسول الله الهادي أمابعد،عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الناس كالإبل المائة لا تكاد تجد فيها راحلة). ( رواه البخاري)

كان خبر وفاة أمير المؤمنين الملا محمد عمر رحمه الله، مزلزلاً ومحزناً للمؤمنين، لكن الله بفضله وكرمه أعاد الجو إلى ما فيه صلاح الأمة والجهاد، بفضله سبحانه ثم بجهود كبار العلماء وكبار القادة، واتفق الجميع بما فيهم نجل أمير المؤمنين المولوي محمد يعقوب حفظه الله، وشقيقه الملا عبدالمنان على إمارة أمير المؤمنين الملا أختر محمد منصور حفظه الله، وأعلنوا بيعتهم وولائهم للأمير الجديد.

خبر وفاة أمير المؤمنين كان محزناً والآجال بيد الله، لا رادَّ لقضائه وهو الحكيم الخبير، لكن ظهرت معه بعض الأمور العظيمة، والمبشرات الخفية، منها:

1 – إحكام النظام، وقوته، ودقته داخل الإمارة الإسلامية، فقد اسطاع القادة أن يُخفوا وفاة أمير المؤمنين عامين وثلاثة أشهر وسبعة أيام، حيث توفي رحمه الله 23/4/2013م. وتم الإعلان عن وفاته رسمياً 30/7/2015م، 14 شوال 1436هـ. ورد في البداية والنهاية لابن كثير: أن خالد بن الوليد رضي الله عنه ترك جيشه سائراً وذهب إلى الحج، فحجّ وعاد إلى محل القيادة، ولم يعلم أحد من الجيش بذهابه إلا بعض خاصته و من رآه في الحج.

2 – مظاهر الوحدة العملية في داخل الإمارة الإسلامية، فقد ساروا على الدرب مستقيمين من غير ركون واعوجاج، وقد فقدوا قائدهم الأعلى وهم في رعاية القيادة الثانوية.

3 – فشل الاستخبارات العالمية وعلى رأسها الاستخبارات الأمريكية والبريطانية، والاستخبارات المحلية التي كانت تبحث عن الملا محمد عمر رحمه الله. وأن البيت الداخلي في الإمارة محفوظ لا تصل إليه الأعين والآذان الخائنة، فخبر الوفاة كان يدور هناك منذ سنتين وأشهر ولم يعلم به أحد.

4 – مظاهر نصر الله سبحانه وتعالى، وأنه إذا أراد حفظ عبد من عباده- لا يقدر أحد أن يمسه بسوء، فقد كان أمير المؤمنين الملا محمد عمر رحمه الله في داخل أفغانستان في زابل، ولم يخرج منها إلى بلد آخر ولا لساعة واحدة، بل ولا لدقيقة، منذ الاحتلال إلى وفاته، وتوفي بمرض أصابه، لا بشيء آخر. رحمه الله.

5 – بقاء الصف موحداً كالبنيان المرصوص، وفشل محاولات التفريق، فقد حاول الأعداء ذلك، لكن رد الله كيدهم، وحفظ وحدة المجاهدين، وإن الأعداء إذا فشلوا في تلك المحاولات في هذه المصيبة العظمى – فهم فاشلون خاسرون في المستقبل إن شاء الله.

6 – وجود طائفة قوية الشوكة، قوية الفكر، قوية التخطيط والتنفيذ في داخل الإمارة الإسلامية، لا تعرف اليأس والخوف والفزع، بل تدبر الأمور في كل الظروف، وتروم التحرير الكامل وإخراج الغزاة الطامعين، وإعلاء كلمة الله تعالى.

7 – قدرة أميرالمؤمنين الجديد على الإدارة والحرب، فقد مارس التجربة سنتين في حياة أمير المؤمنين رحمه الله، وبعد الوفاة: أخفى الخبر الجلل، وجَدَّ في السير وجنوده، ضاربين الأعداء ضربات دمروا بها الطمع الأمريكي، وأتوا بفتوحات واسعة، ولازالت الضربات والفتوحات مستمرة.

8 – أن سر تأسيس حركة طالبان، كان لجمع أطهر المجاهدين لحربٍ ثانيةٍ ومحوِ طاغيةٍ آخَرَ، يريد الفساد في الأرض، حتى إذا تم هذا الأمر، وانهزمت أمريكا الطاغية، تم عمل أمير المؤمنين في هذه الدنيا، وترك الإتمام لإخوانه المؤمنين من بعده، وهم فاعلون إن شاء الله.