ما هو الطريق إلى النصر؟

إن هناك نظامين….. نظام طبيعي خلقه الله تبارك و تعالى واختاره لهذا الكون، ونظام وضعي أسسه البشر.

فمن خصائص النظام الطبيعي أن الكثرة تغلب القلة، وأن الغناء يغلب الفقر، وأن الأسباب الكثيرة تغلب الأسباب القليلة، وأن القوة تغلب الضعف و…

وكلنا رأينا هذا النظام في حياتنا الطبيعة أن الله سبحانه وتعالى قد أودع في الأشياء طبائعها، وهي لا تفارقها على مر القرون والأزمان، فأودع في النار طبيعة الإحراق، وأودع في الماء طبيعة، وفي الطين طبيعة، هذه طبائع الأشياء التي لا تفارقهما، وهذا النظام الطبيعي قانون عادل لا يراعي أحدا.

ولا يفضل بشرا على بشر ولا جماعة على جماعة هذا هو الميزان العادل الذي يزن الأشياء وزنا دقيقا، ولا يفرق ولا يميز، هذا هو القانون الذي جربه الإنسان في رحلته الطويلة منذ نشأته إلى يومنا هذا……

وتاريخ الفتوحات الإنسانية، زاخر بالشواهد والأمثلة لا تجدون فيه الإستثناء، فحكومات تتغلب على حكومات، وطاقات، تهدم طاقات.

هذا كله خاضع للقانون الطبيعي الذي خلقه الله تعالى، ولا يحتاج هذا القانون إلى بحث عميق ولا إلى فلسفة، والكتب السماوية لم تبحث في هذا الموضوع، فهو شيء طبيعي معلوم.

ولكن هناك نظاما آخر هو نظام الإيمان والعقيدة والصفات، والأخلاق والدعوة، والرسالة هذا هو النظام الذي بحث منه الانبياء عليهم الصلاة والسلام وأنزل الله له الكتب المعجزة، وأرسل له الرسل وهذا هو السلاح الذي قاتل به المسلمون، فانتصروا به، ورفعوا شمل الأمة الاسلامية في مشارق الأرض ومغاربها.

فإذا تصادمت الغاية الطبيعية، والغاية الشرعية رجحت كفة الغاية الأخيرة، لذلك عنما ألقي إبراهيم عليه الصلاة والسلام في النار، كانت هناك سنة الهلاك التي نفذت في خلقه، كانت النار تحرق منذ آلآف السنن، ما سجلت تجربة واحدة في التاريخ البشري أن النار قد كفت وأضربت عن أداء واجبها.

لكن لما إصطدمت الغاية الطبيعية، طبيعة النار مع طبيعة الهداية، أمرت النار بالكف عن الإحراق، وسلبت من النار طبيعتها.

قيل لها بحيث سمعت ولم يسمع نمرود، ولا أحد من الخلق إياك أن تمسي ثياب إبراهيم فضلا عن جسمه الطاهر، فضلا عن قلبه المؤمن السليم… فخضعت وأطاعت وكانت على إبراهيم بردا و سلاما: (قلنا يا نار كوني بردا و سلما على إبراهيم)  (الأنبياء :۶۹)

فعرف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعا أنهم لا يجوز لهم أن يعتمدوا على عددهم، وعلى عدوهم، بل عليهم ان يعتمدوا على الله ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.

تذكروا يوم أن خرج رسول الله صلى الله عليهوسلمه بجماعة قليلة من الأنصار والمهاجرين ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، فلما قاموا مصطفين أمام العدو، يفوقهم كثيرا في العدد والسلاح لأن قريشا جاءت بحدها وحديدها، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألى أصحابه و نظر إلى أعدائه فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم النتيجة وعرف أن النصر من الله وكان على يقين أن الذي خلق القانون يستطيع أن يوقفه والذي وهب يستطيع أن يسترد.

بنى أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم له عريشا وقام فيه يدعو ربه يعلم صلى الله عليه وسلم أن القضاء ينزل من السماء ولا ينبع من الأرض، الحكم لله والنصر بيد الله، قام يدعو ربه ويبتهل ويتضرع، حتى رق له قلب أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأشفق عليه، وقال حسبك يا رسول الله، وجبهته على الأرض وقال الكلمة التي كانت سببا في الحقيقة لبقاء هذه القلة القليلة من المسلمين، لبقاء هذه الأمة فقال: 

‏اللهم أين ما وعدتني؟ اللهم أنجز ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا…

فنصرالله المسلمين في معركة بدر وكان الفتح المبين، وانتصر المسلمون، رغم قلتهم وانهزم العدو رغم قوته وكثرته وصدق الله العظيم إذ قال (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشركون (آل عمران :۲۳.).

فيا أشبال الأمة ويا أسود الإسلام أنتم ستغيرون مسيرة الأمة الإسلامية مزقوا رداء النوم والغفلة وألبسوا لباس النشاط واليقظة، واعتمدوا على الله عز وجل كما إعتمد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم واقطعوا دابر هؤلاء الكفار ولا تخافوا من قوة العدو و قنابلهم وصواريخهم لأن نصر الله معكم ولكم الفوز والنجاح في الدنيا والآخرة.