ورغم ذلك نواصل

بما أنّ الأحداث والقضایا الأفغانیة لا ترویها للعالم إلا إعلاميين: إعلام الاحتلال والمؤسسات العمیلة لها، وإعلام الشعب الأفغاني أعني الإمارة الإسلامیة ومجلة الصمود، وقد تجاوز عمر الحرب العقیم في أفغانستان من الحادية عشر، وعندما واصلت الاحتلال وعملائها في تحریف العقول، وجرّها نحو الأكاذیب ألزمت الصحافة التابعة للإمارة بما فيها مجلة الصمود نفسها أن تبیّن الحقائق للعالم كما تشاهدها عن كثب، وتواجه الاحتلال بشجاعة وإیمان وذكاء، وتنتهج مناهج الإسلام وفضائلها.

بینما تواصل الغرب والاحتلال مؤامراتها ورذائلها، تشق المجلة لنفسها طریقا یترفع فیها عن التقلید والمحاكاة أو التطرف والمغالاة غیر خاضعة للعصبیة والعبیة، ولا للأشكال والمظاهر والمفاهیم السطحیة؛ بل لا تزال متمسكة بالحقائق التي تدور في ربوعها وبأسباب القوة وباللباب.

ففي الهجمات المتنوعة التي تشنها الاحتلال لا یجد فیها الشعب الأفغاني مكانا لقیمه ولحرماته ولحقوقه فيوطنه، وحرم من تقریر المصیر بنفسه، والحياة السیاسیة الكاملة الملائمة لبیئته التي لا تخضع للأجانب، وبینما رأی أنّ الاحتلال تتعامل مع الأشخاص الذین هم من لونها السیاسي والثقافي وتمنحهم سلطة القرار؛ وتمنح الامتيازات والتسهیلات لمؤیدیها، وتحرم الشعب بأكمله من موارد أرضه.

ولا یزال إعلام الاحتلال، وكل مؤسسات الإعلامیة الضالة تساند الاحتلال في تحریف عقل العالم بهتافات غیر واقعیة لخدمة مخططات الاحتلال، فكل هذه الأمور خلقت لدی الشعب الأفغاني الشعور بتحیز الإعلام والأفراد للاحتلال، ولكن مجلة الصمود عملت أثناء ذلك عمل جنديّ فاتح، وحاصرت العدوّ من ناحتین:
الأولی: أخذت بنشر الحقائق الموجهة، وحقیقة المذابح التي تحدثها الطائرات، وتقصف المباني السكنیة حیث صار أكثر ضحیتها الأطفال والشیوخ والنساء، وبیان كل ما دأبت الاحتلال ومیلیشیات العمیلة علی ممارسة الأعمال الانتقامية بطریقة‌ وحشیة‌ حتی علی المساجد والبیوت الطینية والأشجار، وبأسلوب مفرط للغایة للعنف حیث تسبب قتل مئات من الضحایا.
ومن جانب أخر لم تترك للاحتلال، ولا للعملاء مجالاً لكتمان حجم الخسائر الفادحة التي أتت علیهم جرّاء عملیات المجاهدین الحاسمة؛ بل حاولت علی قدر المستطاع أن تبین معظم مفاعیل العملیات التاكتیكیة والاستشهادية مع العدوّ الصلیبي.

مجلة الصمود مجاهدة داعیة، ولها علامة مسجلة علیها هاتان الكلمتان: لا تذل أبدا ولا تتثاءب أبداً. ولا تفارق الحقیقة وإن عثرت علی جزء منها.

لها قوة وهمة شاب یافع تشفق علی شعبها، وترق لها، وتغامر العراقیل الكبیرة التي تتمنی الاحتلال أن تدفن حیث لا یسمعها العالم ولا تزال الاحتلال تحاول أن تمنع المجلة من نشر الحقیقة بأنواع المؤامرات والمخططات المشؤومة لكنه لم یستطع أن یواجه صوت المجلة من تحت المصاعب والأنقاض حیث أعلنت أن الاحتلال هو عدو الإسلام ولیس عدو الشعب الأفغانی فحسب وإذا أراد الأدباء أن یترجموا كلمات: الظلم والقمع والفساد؛ فلیسألوا الاحتلال من كیفیة إجرائها ومغبتها، ولیسألوا الشعب الأفغاني من مرارتها، ولذة‌ الصبر علیها.

والطریق الأسهل هو مراجعة المجلة حیث لم تغمض عینیها عن ما يجري من الأحداث الساخنة –هزائم الاحتلال وانتصارات الجهاد-

والمجلة تواجه مصاعب ومشاكل كبیرة لو واجهت مجلة أخری نفس العراقیل لصارت هشیما تذروه الریاح إلی مكان سحیق.

فموقع المجلة تحجب یومیاً وكثیراً ما تجد موقعها محجوبا لعدة أیام متتابعة، وكأنها من السلع المهربة في البلدان، فلا تطبع إلا سراً في بعض الأماكن وأعدادها المطبوعة لیست إلا في متناول قلیل من قرّائها الكثیرین حتی إن بعض أفراد أسرتها ما عثرت علی عدد مطبوع منها إلا عبر الموقع، وإن سیناریوهات العدوانیة الصلیبیة صادرت حقوق المجلة، وحریاتها وما اطلع الاحتلال طریقاً تمشي فیها المجلة إلا سده في وجهها، ووضعت عراقیل مختلفة أمامها، ولا تكتب، ولا تنشر، ولا تطبع في شقة، ولو غیر ممتازة، ولا في مبنی متواضع؛ بل لو عثرت دعاة الحریة أعني الاحتلال علی بیتها المتواضع لقصفه بأطنان من الصواریخ.

ولكن رغم هذه القیود لم تلتفت المجلة یمینا ولا شمالاً، ولم تلتفت إلی الوراء مندهشة؛ بل استمرت في جهادها حتی انتصرت، ولا یفعلون ذلك إلا لأنّ المجلة‌ تسعی إلی ما تكرهه الاحتلال.

فمن هذه الناحیة لا یختلف حال المجلة حال مجاهد یطارد العدوّ بین الجبال ولا یحمل بندقیته إلا دفاعا عن شعبه ودینه وحقوقه مع ذلك یسمی بالإرهابي الذي یجب للعالم كله أن یتجنب عنه؛ لأنه قام لمجابهة الظلم والفساد.

فهو یحمل سلاحه، والمجلة تحمل قلمها، وهو یطارد الاحتلال ویكبده الخسائر، وهي تطارد كذب الاحتلال وتبین خسائرها، وكلاهما یسلكان طریقاً واحداً، وهو طریق الجهاد والمقاومة ضد الأعداء.

وبما أنّ أوّل لبنة المجلة وضعت للدفاع عن الحقیقة، والدفاع عن المظلومین والمنهوكین، وآزرت الشعب الأفغاني في كل معاناتها؛ لم تغفل عن الشعوب المسلمة الآخرین الذین یعانون من الاحتلال والأعداء والظالمین مثل الشعب الفلسطيني والشعب السوري ومسلمي بورما وغیرهم ممّن یعانون الظلم، فدافعت عنهم كما تدافع عن شعبها، ونصحت لهم كما تنصح شعبها، ووقفت في جانب الحقائق دون تورط.
وما زالت تعتقد أن الاحتلال ورؤساء الدیمقراطیة لا سبیل لبقائهم إلا الانسحاب من البلاد الأفغانیة، وأنّ التدخل العسكري لا ینتج إلا الفشل والهزیمة النكراء للأمريكان.

وبفضل الله یتابعها كثیرا ممّن یتتبع الحقیقة؛ لأنها تحاول أن تبین لبلادها وللأمة الإسلامية طریقا تغافلوا عنه ألا وهو طریق الإیمان الذي لازال ولا یزال معروفا بالطریق المبتكر.

تحاول أن تبین مدی قوة الإیمان وتفوّقها علی قوة الاحتلال، وأجهزتها وأنّ الجهاد الذي أكرمه الله وأكرم الأمة به هو الإیمان والرحمة والدعوة والصمود، وأنّ النصر یأتي مع الصبر لا بالطائرات التي تشق السماء، فتكفي المجلة قرائها الذین كانوا أعوانا لها في أهدافها المتسامیة، وانتصاراتها الباهرة في المعارك الإعلامیة والضغوط الهائلة، وتكفي المجلة القوة الصارمة النفاذة، وهي الجهاد لإعلاء كلمة الله، وتكفیها رسالتها الخالدة.

وإننا نسأل الله الذي أمرنا ولأمره استجبنا وقمنا ننصر دینه، أن یثبتنا علی الحق، وأن ینصر جنده ویخذل عدوّه وعدوّنا.

فسیروا معنا أحبتنا والله حسبنا ونعم الوكیل.