الجهاد الأفغاني المعاصر من حیث الشريعة، وأهداف العلمانيين من المساواة والحرية وحقوق المرأة

بقلم : المفتي عبد الله رشاد
تعريب: أحمد القندوزي

إن العديد من الفتن قد نشأت في أفغانستان بعد الغزو الأمريكي لها. فشعاراتهم في الظاهر كانت حلوة ولطيفة للغاية؛ أحياناً كانوا يهتفون بشعارات التنمية والبناء، وأحيانا کانوا يتحدثون عن أفغانستان جديدة ومتطورة، وتارة يتفاخرون بحرية التعبير، وأخری بالمساواة وحقوق المرأة، لكن في الواقع كانت لديهم نوايا خبیثة وأهداف مشؤومة وراء تلك الشعارات.

لكن للأسف! فكثير من مواطنينا الغفلة اغتروا بهذه الشعارات، ولا يزالون يبحثون عن الحياة السعيدة في عبودية الغرب؛ إذ يعتقدون أن الازدهار والتقدم منحصر فيما يفعله الغرب، لذلك يريدون الاختلاط بين الرجال والنساء حتى يدخلوا في زمرة المتقدمين، لكن كل هذا يدل على قلة إدراكهم وعدم معرفتهم بدينهم وثقافتهم.

كما ذكرنا سابقًا أنّ الغرب يسعىٰ إلى تحقيق أهدافه المشؤومة باستخدام شعارات حقوق المرأة وتحريرها، وللأسف فبعض الجهلة من المسلمين يقلدون الغرب ويصدّقونه في ذلك، بل ویسعون في تحقيق أهدافه بغير علم.

لكن الحقيقة هي أن الإسلام هو الدين الذي أعطى للمرأة والأقليات حقوقاً أكثر من الجميع، فالرجال والنساء مدعوون إلى التنافس في الخيرات على حد سواء، فلا فضل للرجل على الامرأة، ولا للامرأة على الرجل إلا بالتقوى؛ لأن أساس التفاضل ومقياس الكرامة في الإسلام هو التقوى.

نعم! هناك بعض الأمور المتعلقة بالخلقة والتكوين، فلها طبيعة وبنيان مختلف، فلا بد من التمييز بين جنس الرجل والمرأة، وذلك أمر يعترف به كل عاقل.

وبناء على هذا التميز الخُلقي، فإن الإسلام أمر المرأة بالحجاب حفاظاً عليها، وصوناً للمجتمع من الفساد. كما قال الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ﴾ [سورة الأحزاب(33)]

وإن كان الخطاب في هذه الآية لأفضل نساء هذا الكون، وهن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، رغم ما کن علیه من الصلاح والإيمان والطهارة والعفة، فالخطاب لغيرهن من النساء المؤمنات من باب أولى.

وكانت أمنا عائشة – رضي الله عنها – إذا قرأت هذه الآية تبكي حتى تبل خمارها. وذُكر أن سودة – رضي الله عنها – سُئلت: لم لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك؟ فقالت: قد حججت واعتمرت، وأمرني الله أن أقر في بيتي. يقول الراوي: فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها… تفسير القرطبي 180/14

وقال العلامة المناوي رحمه الله في فتح القدير: “إن النساء أعظم حبائل الشيطان وأوثق مصائده، فإذا خرجن من البيت نصبن شبكة يصيد بها الرجال، فيغريهم ليوقعهم في الزنا، فأمرن بعدم الخروج حسما لمادة إغوائه وإفساده”. 228/4

أما المطالبون بالديمقراطية اليوم الذين يهتفون بشعارات المساواة وحرية المرأة، يجهلون في الحقيقة تاريخ دينهم الحنيف، وإلا فهل نساء اليوم أعظم شأناً وأعلى مكانة من أم المؤمنين عائشة وأم المؤمنين سودة رضي الله عنها، ليخرجن من البيوت ويعملن في بيئة مشتركة مع الرجال؟

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إنَّ المرأةَ عورةٌ، فإذا خَرَجَتْ استَشْرَفَها الشيطانُ، وأَقْرَبُ ما تكونُ من وجهِ ربِّها وهي في قَعْرِ بيتِها”.(صحيح ابن خزيمة)

وروي عنه أيضا أنه قال: “صنفان من أهل النار لم أرهما: رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها”… رواه مسلم

کما أن العلماء في عصرنا هذا يعتقدون أن النساء اللاتي يلزمن بيوتهن، ويتوخين الاختلاطَ، ويبقين على حالتهنّ الطبيعة، أي لا يتشبّهن بالرجال، فإنهنّ محبوبات عِنْدَ النَّاسِ، والرجال يميلون إليهن أكثر من المتبرّجات، لهذا يُفضّل الغربيون النساء الشرقيات على الغربيات. وكذلك النساء في جميع المجتمعات يُفضّلن الرجال الذين يتمسّكون برجولتهم ولا يتشبهون بالنساء.

لهذا السبب، فقد كثر الفساد في مجتمعنا المسلم مع بداية الغزو الأمريكي، ونُزِعَت الغيرة والشهامة والرجولة من الذين تعلقت قلوبهم بالديمقراطية الغربية. لذلك أصبحوا خدما عند المحتلين، وخانوا بلادهم بالتعامل مع الأعداء، أفنرضي الناس ونُسخط رب الناس؟! وقد قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ ضَلَّ ضَلٰلًا مُّبِينًا} – الأحزاب: 36