كيف يمكننا أن نملك أفغانستان مستقرة وقوية ومتطورة؟ الملا عبدالغنی برادر

يحترق شعب أفغانستان المضطهد منذ أربعة عقود في لهيب الحروب والفوضى من أجل الحصول على أفغانستان حرة مستقرة وقوية، وتريد إمارة أفغانستان الإسلامية أن تنتهي المأساة المستمرة وجميع عواملها، وأن يجتمع الأفغان على بساط واحد في بلادهم المستقلة تحت ظل نظام إسلامي يضم في أحضانه جميع الأفغان، ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف وقَّعَت على إتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ (29/02/2020م).

وقد فتحت اتفاقية الدوحة بين إمارة أفغانستان الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية الطريق نحو فرص جيدة للطرفين، حيث تم إطلاق سراح 5000 من أسرى الإمارة الإسلامية و1000 من أسرى إدارة كابول، وبدأت المفاوضات الأفغانية، وخرجت غالبية القوات الأجنبية من أفغانستان، والقلة الباقية في حالة الخروج.

ورغم وجود الكثير من المشاكل والعقبات في سبيل تنفيذ بنود الإتفاقية، لكن مع ذلك كله فإنها الفرصة الوحيدة لاستتابة الأمن والسلام في أفغانستان؛ لأن تنفيذ جميع بنود الإتفاقية وإطلاق سراح من تبقى من الأسرى وإلغاء قوائم الجوائز السوداء، ستمهد الطريق لانتهاء مأساة أفغانستان.

وبما أن أفغانستان الآن على مشارف خروج جميع القوات الأجنبية منها، لذا فإنه ينبغي بعد الاستقلال أن يُعمَل على تأسيس نظام يحقق الأمن والرفاهية للشعب الأفغاني، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان النظام مطابقاً لمطالب الشعب الأفغاني المسلم وموافقاً لآماله.

فإن النظام الإسلامي الواقعي أفضل وسيلة للقضاء على جميع مشاكل الأفغان، وهو المطلب الوحيد الذي تجتمع على تحققه كلمة جميع أطياف الشعب الأفغاني، ولا يجد أحد فيه أي خلاف، لكن يشترط أن يكون نظاماً إسلامياً مقتدراً يدافع عن أفغانستان من الاحتلالات والتدخلات الأجنبية، وفي نفس الوقت يطمئن العالم عن سلمية أفغانستان.

لكن إقامة نظام إسلامي في أفغانستان إنما يبني على التضحيات الداخلية للأفغان، والتسامح والصفح، وتَقَبُّل الآخر؛ لأنه من المحال أن يتم تطور إيجابي في حالة الفرقة والحرب والخلاف.

وبالقدر الذي يهم الأفغان إقامة نظام إسلامي قوي، فإنه بذاك القدر يهم العالم أيضاً؛ لأن أفغانستان قوية ومتحدة ونزيهة من الفساد أكثر نفعاً لأمريكا والعالم بأسره من نظام هش غير متمركز وفاسد.

وإننا ندرك تلك التساؤلات التي تمر في خواطر الأفغان والعالم حول ماهية النظام بعد خروج القوات الأجنبية، وجواباً على هذه التساؤلات يمكننا القول بأنها مرتبطة بالمحادثات الأفغانية، ويجب علينا ألا نضيع فرصة المحادثات بتوقعات احتمالية مسبقة. وإن مشاركتنا في المحادثات الأفغانية وحمايتنا لها تدل على أننا نعتقد على الحل السلمي للأزمة عن طريق التفاهم والتفاوض.

كما أننا نطالب المجتمع الدولي بأن يدع الأفغان ليتخذوا قرارهم حول مصير بلادهم وشعبهم؛ لأن الأفغان يحملون خواطر سيئة للغاية عن الأنظمة التي تم فرضها عليهم من الخارج.

ومن جانبنا فإننا نثمن ونرحب بجميع تلك الجهود التي تساعد – حقاً – في القضاء على مشاكل البلد وفوضويته وعدم استقراره، وكل من يريد المساهمة في هذا السبيل عليه أن يراعي الحقائق الواقعية للمجتمع الأفغاني.

كما أننا ملتزمون بالمضي قدماً مع الآخرين على أساس الإحترام المتبادل، وأن نصل إلى موافقة على نظام سياسي جديد يسمع فيه صوت جميع الأفغان.
وفي أفغانستان المستقبلية نتعهد على تأمين حقوق جميع المواطنين من الرجال والنساء، مثل: حرية البيان، والتعليم، والعمل و… في ظل ضوابط الدين الإسلامي الحنيف ووفق العادات والتقاليد الحسنة للمجتمع الأفغاني، وبما أن مجتمعنا مجتمع إسلامي وأفغاني، لذا فإنه سيتم توفير تسهيلات وبيئة مناسبة لتعليم المرأة وعملها، حتى تتمكن النساء من أداء مهامهن في أمان واطمئنان.

إن الإمارة الإسلامية عازمة على إيجاد فرص مناسبة لخدمة شعبها ووطنها، لذا يجب علينا جميعاً أن نتكاتف من أجل إعمار بلادنا وخدمة شعبنا، فإن بلادنا وشعبنا بحاجة ماسة إلى التجار والشباب والمتخصصين والخبراء، فالشباب في الواقع يمثلون العمود الفقري في المجتمع، ونحن نخاطب الشباب بأن على عاتقكم مسئولية خدمة وطنكم وشعبكم، والإمارة الإسلامية تتعهد بإتاحة هذه الفرصة لكم،

وبدلا من الذهاب إلى الدول الأجنبية وفراق الأهل والأحباب من أجل الحصول على لقمة عيش، هلموا لخدمة بلادكم ووطنكم وأنتم إلى جانب أهاليكم، ولنعمل سوياً من أجل تأمين حياة آمنة وكريمة لأجيالنا القادمة.

في النظام القادم ستكون حقوق جميع المواطنين – بمن فيهم الأقليات – مصونة، فلا داعي للقلق تجاه ذلك أصلاً.

إن أفغانستان بسبب موقعها الجغرافي تعتبر عضوا مهماً في المجتمع الدولي، ونحن نريد أن نقيم علاقات إيجابية ومفيدة مع العالم الأجنبي، وإن الأفغان من أجل إعمار أفغانستان المستقبلية بحاجة إلى دعم سالم من العالم، ويرحبون به.

كما أن جهاد الشعب الأفغاني ومقاومته ضد الاحتلال الأجنبي موافق لجميع الأسس والضوابط الدينية والوضعية، فإنه كان وسيظل حق مسلم وثابت له.

تريد إمارة أفغانستان الإسلامية بالتنسيق مع المجتمع الدولي ومساعدته اتخاد خطوات لازمة تجاه مكافحة المخدرات، وذلك بإيجاد بدائل معيشية أخرى ومعالجة المدمنين الذين بلغت أعدادهم – للأسف – الملايين.

تطمئن الإمارة الإسلامية المجتمع الدولي بأن الدبلوماسيين الأجانب وموظفي المؤسسات الخيرية المقيمين في أفغانستان لن يواجهوا أي خطر من قبل الإمارة الإسلامية، ومنذ أمد بعيد تواصل المؤسسات الخيرية فعالياتها وأنشطتها في أفغانستان بتنسيق مع الإمارة الإسلامية ومساعدتها، فليستمروا في أنشطتهم الخيرية، وإن الإمارة الإسلامية ترى من مسئولياتها إيجاد بيئة آمنة ومناسبة لتنفيذ هذه الأعمال والمشاريع البناءة.

وفي الأخير أود التنبيه على نقطة مهمة، وهي أن الإمارة الإسلامية لن تسمح لأي أحد أن يستخدم أرض أفغانستان ضد أمن الآخرين، ولن تسمح للآخرين أيضاً بأن يتدخلوا في شؤوننا الداخلية، فإن شعب أفغانستان يريد أن يعيش في العالم حياة سلمية، عالي الهامة، في ضوء قيمه الإسلامية والوطنية.

الملا عبد الغني برادر، النائب السياسي للإمارة الإسلامية ورئيس المكتب السياسي

10/11/1442 ه‍ ق

30/3/1400 ه‍ ش ــ 2021/6/20 م