قضية أفغانستان، والمكانة المحورية للإمارة الإسلامية

تقف القضية الأفغانية الآن في موضع حساس، وإن كان البعد الخارجي للقضية قد تم حله إلى حد ما، وعلى أساس اتفاقية الدوحة خرجت أكثر القوات الأجنبية من البلد والبقية في حالة الخروج، ومن جهة أخرى فإلى جانب التحولات العسكرية على المستوى المحلي نفخ الروح من جديد في عملية المفاوضات، وبعد انقطاع طويل جلس الممثلون السياسيون للإمارة الإسلامية على طاولة المفاوضات مع الفريق المفاوض للطرف المخالف.

تبدأ هذه المرحلة من المفاوضات في حين برزت فيه الإمارة الإسلامية كأهم قوة عسكرية محورية في القضية الأفغانية؛ وذلك لأن غالبية مناطق البلد والتي تشكل (85%) من إجمالي المساحة تحت السيطرة الكاملة لمجاهدي الإمارة الإسلامية، وجل المعابر التجارية مثل:

(تورغوندي، إسلام قلعة، سبين بولدك، أبو نصر فراهي، دند بتان، آي خانم، شيرخان) تحت سلطة الإمارة الإسلامية، ويستولي المجاهدون على الطرق السريعة، كما أن غالبية مراكز الولايات الآن تقع تحت حصار المجاهدين، ولو أرادوا فبإمكانهم السيطرة عليها بكل سهولة – إن شاء الله -.

وبما أن غالبية سكان أفغانستان يعيشون في المناطق التي تقع تحت حكم الإمارة الإسلامية، واستطاع المجاهدون – بفضل الله – تهيئة بيئة آمنة ومطمئنة للعيش، بالإضافة إلى أن الإمارة الإسلامية الآن من حيث الهيكلة والتشكيل في موقف حكومة فعلية، ودول المنطقة والجوار أيضاً ينظرون إليها باعتبارها القوة الممثلة لأفغانستان والشعب الأفغاني، وبعد التطورات الأخيرة زادت الهيبة السياسية للإمارة الإسلامية على مستوى المنطقة والعالم، وهذه الحقائق لا تخفى على أحد.

ونظراً لجميع ذلك، فإن الأوضاع الحالية تقتضي أن تنسى إدارة كابول ما تدعيه لنفسها بأنها الحكومة المشروعة لأفغانستان، وتعتبر الإمارة الإسلامية بأنها مجرد جماعة، ثم بناء على هذه المقدمات الخاطئة تطالب الإمارة الإسلامية بالاستسلام لها، ودمج لجانها وشعبها في إدارة كابول!

والواقع هو أن الإمارة الإسلامية بجميع الاعتبارات تفضل على إدارة كابول في الوقت الراهن، فكما أنها حكمها نافذ على الجزء الأكبر من الأراضي الأفغانية، فكذلك تتمتع بنسبة قبول أكبر لدى عامة الشعب، ودول المنطقة والعالم أيضاً تصنفها كقوة حقيقية غير منهزمة خرجت من جميع البلايا والمحن بانتصار، لذا فإن الدول المخالفة تضطر إلى أن ترمي عداوتها السابقة وراء ظهورها، وتسلك مع الإمارة الإسلامية طريق التفاهم والتعامل الحسن.

إن عملية المفاوضات الجارية لا يمكن نجاحها إلا إذا أذعن جميع الأطراف للحقائق، وتوقفوا عن المكابرة، وكفوا عن التباهي والاتكاء بقوة الأجانب، والإمارة الإسلامية كونها تمثل الدول المحوري في القضية الأفغانستان، فإنها بالقدر نفسه ترى مسئوليتها أعظم وأثقل من الجميع، لذلك فإنها في ساحة الحرب أولت اهتماماً بالغاً بالدعوة والانضمام السلمي حتى تَمنع من سفك الدماء، وفي الوقت نفسه تتقدم بكل إخلاص وجدية إلى طاولة المفاوضات، لعل الله أن يحل هذه الأزمة عن طريق الحوار والتفاهم.