معالم على طريق الجهاد

مصطفى حامد

 

صورتان يفصل بينهما أكثر من خمسة وثلاثين عاماً. إنهما للقائد الجهادي الكبير سراج الدين حقاني. وكان والده مولوي جلال الدين حقاني أشهرالقادة المجاهدين في مرحلة الاحتلال السوفييتي والحكم الشيوعي في أفغانستان.

 

 

■ الصورة الأولى: يعود تاريخها إلى شهر يوليو من عام (1986). وفيها الشاب الناشئ سراج الدين وهو في قاعدة جاور يجلس منتظراً التحرك مع قافلة متجهة إلى مناطق قبائل زدران، لينضم إلى والده الذي سيذهب إلى هناك على رأس مجموعته الخاصة من المساعدين والحراس و القادة الميدانييٍن.

وهناك فريق ثالث يضم الأخوين إبراهيم وخليل شقيقا حقاني، وكانا قد ذهبا إلى ولاية أورجون المجاورة لإحضار صواريخ ونقلها إلى أطراف جرديز، ليستخدمها شقيقهم الشهيد إسماعيل في الهجوم على أهداف عسكرية حكومية.

البرنامج كان خطيراً ومعقداً ويشمل جولات بين القبائل يقوم بها حقاني لتجديد بيعتهم على الجهاد، خاصة بعد الإرهاق الذي أصاب الجميع من معركة جاور في أبريل الماضي. وكانت القوات الحكومية تحتشد في جرديز. وكبار قادة النظام في كابول يهددون باجتياح مناطق زدران، ومنهم وزير الدخلية القوي “جولاب زين” وهو من نفس القبيلة.

ومن المفارقات أن منصب وزير الداخلية حاليًا يشغله المجاهد الكبير سراج الدين حقاني، الذي كان في ذلك الوقت شابًا صغيرًا يرافق والده في جولاته على قبائل زدران ويرافق أعمامه الثلاثه في مجهودهم العسكري ضد قوات الحكومة في جرديز.

– رافقتُ مولوي حقاني في جولته التي كانت حدثًا تاريخيًا. وأكدت التفاف القبائل حول زعامة مولوي حقاني، وعزيمتهم على إكمال طريق الجهاد حتى النصر. كانت الاجتماعات القبلية حاشدة، وإكرام القبائل لحقاني يفوق الوصف. وقد استفدت (بدون قصد طبعا) من ذلك الكرم الهائل أنا وصديقي الشهيد عبدالرحمن المصري. وأشد ما أدهشنا لم يكن لحوم الذبائح الوفيرة بقدر ما كان (البصل الأخضر المدهش) لمنطقة “فخري”.

– كنت طوال الوقت أضع يدي على قلبي خوفًا من غارات الطيران على التجمعات المدنية الحاشدة والمتحمسة.

وبعد انتهاء الجولة صارحت مولوي حقاني بمخاوفي، فقال لي: (إن تلك الجولة أثبتت خلو مناطقنا من الجواسيس، وإلا لهاجمنا الطيران وقتل المئات من السكان).

 

 

■ الصورة الثانية: وهي بتاريخ الخامس من مارس 2022 يظهر فيها القائد سراج الدين حقاني، الذي يشغل منصب وزير الداخلية. في حكومة الإمارة الإسلامية بعد طرد الغزاة الأمريكيين وهزيمتهم المدوية. وكان سراج الدين يشكل كابوسًا على الاحتلال، حتى وضعوه على رأس قائمة الأعداء الذين يجب التخلص منهم.

– في الصورة يظهر الوزير سراج الدين وهو يشرف على تخريج دفعة من ضباط وزارة الداخلية وقواتها الضاربة التي أحرزت انتصارات هائلة على جيوش سريّة تركتها أمريكا في أفغانستان لتخريب الأمن الداخلي ومنع بناء الاقتصاد وأجهزة الإمارة.

 

حقاني مرة أخرى يتصدر قائمة أعداء الاحتلال

لم تتوقف مسيرة القائد سراج الدين التي تابع فيها خطى والده العظيم لأكثر من خمسة وثلاثين عامًا. وفيها قدمت العائلة عشرات الشهداء من إخوة سراج الدين، وأبناء عمومته وأقاربه.

لن تهزم أفغانستان وفيها مثل هؤلاء الرجال. ولن تسقط راية الإسلام وفي المسلمين شعب مثل شعب أفغانستان.