الافتتاحية: نصرٌ بعد نصرٍ

قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتجميد أصول البنك المركزي الأفغاني، ثمّ أعلنت أخيراً في خطوة مثيرة للغرابة، بصرف نصف هذه الأصول المُجمّدة على ضحايا حادث الحادي عشر من سبتمر!

لا شك أن هذا الفعل سرقة لأموال الشعب الأفغاني، وهو نموذج من عشرات النماذج من سرقات قادة الولايات المتحدة لأموال الشعوب الفقيرة في العالم الإسلامي والعربي.

سرقة أموال الشعب الأفغاني المضطهد الذي خرج بعد أربعة عقود من وطأة الحروب، هزيمةٌ أخلاقية كبيرة للولايات المتحدة الأمريكية التي طالما ادّعت الأخلاق وحقوق الإنسان وغير ذلك من الهتافات الكاذبة.

إنّ هذه الهزيمة إن دلت على شيء فإنما تدل على أن الجاهلية المعاصرة على شفا جرف هار من الانهيار، وأن الولايات المتحدة مقبلة على الانهيار الأخلاقي الذي ما ابتليت به دولة  ولا إمبراطورية إلا  اندرست ومحيت من صفحة التاريخ للأبد، وانكمشت على نفسها في مجاهل جغرافيا العالم، وإن هذه الهزيمة الأخلاقية للولايات المتحدة الأمريكية سجّلت نصرا آخر للإمارة الإسلامية في أفغانستان، بعد الانتصار العسكري.

كان هذا السقوط الأخلاقي للولايات المتحدة نصرٌ إعلاميّ للإمارة الإسلامية؛ حيث أصبح الذين كانوا يلومون الإمارة الإسلامية بالأمس القريب، يلومون ويلعنون الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها اليوم. ونصر سياسي؛ حيث علم الجميع أن الولايات المتحدة هي الجانب الذي لا يعرف إلا قوة السلاح والحرب والظلم، بينما الإمارة الإسلامية تمد يد السلام والتسامح والعفو. ونصرٌ أخلاقي؛ حيث أثبتت للعالم أنّ قادة الإمارة الإسلامية في أفغانستان ملتزمون بكافّة المواثيق الحقوقية والأخلاقية للإنسان وبكافة بنود السلام مع خصمها السابق، بينما قادة الولايات المتحدة لم يرقبوا إلاّ ولا ذمة في شعوب العالم، وأقبلوا يسرقون أموال المظلومين والفقراء من الشعب الأفغاني، ويفرغون عليهم غضبهم من الهزيمة العسكرية الأخيرة والانسحاب المذل المهين لهم.