كلمة معالي وزير الخارجية المولوي أمير خان متقي (حفظه الله) في منتدى أنطاليا الدبلوماسي

بسم الله الرحمن الرحیم

نحمده ونصلي علی رسوله الکریم، أما بعد:

أعزائي المشاركين في منتدى أنطاليا الدبلوماسي!

قبل كل شيء، اسمحوا لي أن أشكر رئيس جمهورية تركيا (رجب طيب أردوغان)، وأخي الموقر وزير الخارجية (مولود جاويش اوغلو)، على أن جمعونا عن طريق ابتكارهم لمنتدى أنطاليا الدبلوماسي.

إن عنوان الدورة الحالية للمنتدى (إعادة تعريف الدبلوماسية) مثيرٌ للاهتمام، فعلى الرغم من تواجد آلاف البعثات الدبلوماسية وعشرات الآلاف من الدبلوماسيين حول العالم، إلا أن وجود الحروب والعواقب الجسدية والمالية الوخيمة لهذه الحروب والصراعات في العديد من دول العالم، وفشل الدول والنظام العالمي في منع نشوب الحروب والتسوية العادلة، وبالعكس تورط الدبلوماسية في اندلاع الحروب وتسخينها وإطالة أمدها، تُظهر أن هناك خللًا وفجوة عميقة في التعريف الحالي للدبلوماسية، وهذا الخلل بحاجة إلى تصحيح جذري عن طريق إعادة النظر في أصول الدبلوماسية الحالية وهيكلتها.
والدول – مثل أفغانستان – التي عانت من العواقب الوخيمة لهذه المعضلة لأربعة عقود متتالية، تدرك جيدًا مدى عمق هذا الخلل في الدبلوماسية.

إننا نعتقد أن الدبلوماسية يجب أن تهدف إلى منع الحروب وليس تسويغها، وألا تكون وسيلة لتعزيز وحفظ مصالح وإيديولوجيات القوى العظمى فقط، بل يجب أن تكون وسيلة لحماية استقلال الدول وهوِّياتها ومصالحها المشروعة دون الاعتبار لقوتها العسكرية، نعتقد أن الدبلوماسية يجب ألا تكون ضرورة الضعفاء فحسب، بل ضرورة القوى العظمى كذلك.
وانطلاقًا من هذا الاعتقاد، ففي عام 2001م عرض زعيمنا الراحل أمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد – رحمه الله – الحوار على الجانب الأمريكي، لكن الإدارة الأمريكية آنذاك أصرت على العدوان العسكري، وكانت المقاومة المسلحة ضد العدوان المسلح حينها واجبنا ومسؤوليتنا، لكن رغم ذلك، حينما أذعنت أمريكا للتفاوض عام 2010م، وبدأت الاتصالات بيننا، ولجأنا إلى الدبلوماسية الصادقة، أسفر ذلك عن إبرام اتفاق الـ 29 من فبراير عام 2020م، والذي أدى إلى انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، وطمأنَّا العالم بأن أرض أفغانستان لن تستخدم ضد أحد.

وبعد تحولات 15 أغسطس 2021م اخترنا طريق الدبلوماسية والحوار مع جميع الأطراف، فأصدرنا عفوًا عامًا عن جميع خصومنا السياسيين والعسكريين، وأثبتنا هذا العفو على أرض الواقع، وبالفعل نقوم بزيارات صادقة مع دول العالم التي كانت تحارب في بلادنا طيلة عقدين.

تريد أفغانستان أن تطوي صفحة الماضي، وأن تمضي قدمًا مع العالم والمنطقة على أساس التعاون والتفاهم المتبادل والمصالح المشروعة المشتركة، وبينما نطمئن جميع دول المنطقة والعالم من جديد بأن أرض أفغانستان لن تستخدم ضد أمن وسلام العالم، فإننا نطالب بقية الدول أيضًا أن تعاملنا بالمثل.

وبصفتنا دولة خرجت من حروب استمرّت لأربعة عقود، فإننا ندعو دول العالم للعمل معنا من أجل بناء أفغانستان مستقرة سياسيًا ومكتفيةً ذاتيًا من الناحية الاقتصادية، ومساعدتنا في الإفراج عن الأصول المجمدة للبنك المركزي الأفغاني، ورفع العقوبات الاقتصادية عن أفغانستان.

وبالإضافة إلى تقديرنا للمساعدات الإنسانية للشعب الأفغاني من قبل الدول الصديقة، فإننا نرجو من دول العالم تقديم مساعدات تنموية لأفغانستان من أجل إرساء أسس اقتصاد مستدام.

وبفضل الله ثم بفضل استتباب الأمن التام، والقضاء على الفساد، ووجود حكومة مسؤولة، فإن أفغانستان مستعدة لأن تصبح معقلًا للسلام ومركزًا للازدهار والاتصال المنطقي، من خلال تنفيذ مشاريع اقتصادية عملاقة.

إن وزارة خارجية أفغانستان تتعاون معكم من خلال الدبلوماسية في جميع الشؤون الإيجابية، وتقف إلى جانبكم في الترويج لأفضل المبادئ الدبلوماسية المقبولة.