الملا محمد عمر (رحمه الله) آية من العزة والعظمة

أنس حقاني

 

يصادف اليوم 25 نيسان 1401 هـ.ش، الذكرى التاسعة لرحيل الروح العزيزة الكريمة لأمير المؤمنين الملا محمد عمر (رحمه الله)، ذلك المجاهد القائد التاريخي الكريم للشعب الأفغاني. رحلت روحه الزكية قبل ثماني سنوات، قبيل صلاة العصر إلى مالكها الحقيقية في غرفة طينية بمقاطعة سيواري بمحافظة زابل جنوبي البلاد.

 

لا شك أن الملا محمد عمر المجاهد (رحمه الله)، كان أمير المؤمنين في القرن الحادي والعشرين، وقد رزقه الله تعالى نصيبا جيدا وخاصاً من التقوى والتدين والثقة بالله تعالى، فقاد الكفاح والجهاد لمدة ثلاثة عشر عاما ضد القوات المسلحة لأقوى قوة عسكرية في العالم ومعها الحلف الأطلسي، من غرفة طينية.

ولا تصدر هذه القيادة إلا من أولئك الذين لديهم تديّن جيد وعلاقة خاصة مع ربهم، ومستعدون للتضحية بجميع ماعندهم بما في ذلك أنفسهم وأهلهم وأولادهم، مثل الملا محمد عمر المجاهد.

 

تحدّى المرحوم الملا محمد عمر المجاهد بغيرته وإيمانه وتقواه، شراسة العالم العسكرية في القرن الحادي والعشرين، ولم يستسلم لأقوى دولة في العالم، بل سجّل مكانته الدينية والوطنية وعظمته في صفحات التاريخ الذهبية بخطوط ذهبية. ولقد علّم الملا محمد عمر المجاهد (رحمه الله) الأجيال القادمة، عمليّا، دروس النضال والإيثار، والفتوة.

تمرّ قرون، ويتعب المؤرخون من كتابة سيرة الملا محمد عمر مجاهد (رحمه الله)، لكن سيرته لن تندرِس، ولن تضعف ولن تزول.

إن غيرة الملا محمد عمر مجاهد (رحمه الله) وقوته الإيمانية تستحقان الثناء والإعجاب لدى كل مسلم، بل وعند كل إنسان حرّ، يسعى للحرية والكرامة.

 

بمناسبة ذكرى رحيل الملا محمد عمر المجاهد (رحمه الله) أودّ أن أقدم إلى القراء ذكرى من والدي المرحوم الحاج جلال الدين الحقاني (رحمه الله):

كان الوالد يحكي أنّ هناك عدة خصائص جيدة في الملا محمد الراحل كانت تعجبه، منها: غيرتُه، فكان رجلاً غيورا وشجاعا، وكان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعته لمبايعته هي غيرته.

فعند اللحظات الأولى للهجوم الأمريكي، وقد أظلمت سماء كابول بمقاتلات B52، وكانت تقصف المدنيين العزل. تم إفراغ كابل تماما. اجتمع أعضاء مجلس الوزراء أولاً في مقاطعة لوغر ثم في غارديز لاتخاذ القرار، أصررت على ألا نغادر كابول، وإذا غادرنا كابول فعلينا أن نحصن الأحزمة الأربعة ونقاتل. لكن كان بعض الأصدقاء يرون أنه من المستحيل المقاومة. استمرت مناقشتنا. ولم أقبل قرارهم، وقلت لهم: هل هذا رأيكم أم أمر أمير المؤمنين؟ قالوا هذا كان رأينا.

قلت: لن أقبل كلامكم حتى يصدر أمر أمير المؤمنين بهذا الشأن، وتُركت الكلمة تماما للملا محمد عمر المجاهد (رحمه الله)، وانتظر الجميع أن يصدر الأمر النهائي من جانب الأمير المجاهد، ويكون الجميع في استعداد.

في ذلك الوقت كنت أقول لنفسي: الملا محمد عمر! لقد بايعتك على غيرتك، لذا فإن اليوم هو يوم اختبار شجاعتك. سأرى حماستك وشجاعتك.

كان الجميع ينتظرون الملا محمد عمر (رحمه الله) لدخول الخط وإصدار الأمر النهائي.

وعندما بثت كلمته، سُمعت أصوات أخرى، ربما كانت من المخالفين، ثم بثتْ أوامر أمير المؤمنين من رقم آخر، وبعد أن حمد الله وأثنى عليه، أمر جميع المجاهدين بالقتال حتى آخر لحظة في حياتهم، فلا يلقي أحد سلاحه ولا يتراجع عن الجهاد، فهذا أعظم واجب.

 

ضحك والدي ثم أضاف قائلا: شكرتُ الله وجددت عهدي مع الله أن الملا محمد عمر المجاهد سيبقى قائدي وأميري في المستقبل، وأنا دائما فخور به.

كانت هذه ذكرى والدي الراحل وأمير المؤمنين في لحظة تاريخية للبلاد. وكانت نصيحة والدي الراحل لنا جميعاً أن نطيع ونمتثل لأوامر الملا محمد عمر مجاهد (رحمه الله) إلى آخر لحظة في حياتنا ما لم يترك طريق الجهاد والنضال.

 

ملأ الله قبر عبديه الباسلين بالنور، لم تُسمع منهما كلمة ضعف في أصعب لحظات الحياة، وكانت هذه من علامات الغيرة. وإن انزلق الكثيرون، وخدعوا بالقول إنها معركة مع الآلة العسكرية الحديثة والقوة الكبرى، وأن الوقوف ضدها غير ممكن.

واليوم بفضل هذا الجهاد، نفس تلك القوة العظمى في العالم تتعامل معنا وتتفاعل معنا بطريقة لا تفعلها مع الحكومات الرسمية في المنطقة.