تنفيذ ضربات أم تنفيذ أوامر الغرب؟

أبو عبدالله البلوشي

 

كان 47 قتيلا على الأقل حصيلة ضحايا الضربات الجوّية التي نفذتْها مقاتلات للقوات الباكستانية، في ولايتي خوست وكونر شرق أفغانستان. وصرح مدير الثقافة والإعلام في خوست، شبير أحمد عثماني، لوكالة فرانس برس قائلا: “قتل 41 مدنيا، معظمهم نساء وأطفال، وأصيب 22 آخرين بجروح في ضربات جوية نفّذتها القوات الباكستانية قرب خط دوراند في ولاية خوست”.

وقال نجيب الله، المسؤول في وزارة الدعوة والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في خوست: إن حصيلة ضحايا الضربات في الولاية بلغت 48 قتيلا.

إلى الآن لم يصدر الجيش الباكستاني أي تعليق بشأن الضربات، لكن وزارة الخارجية الباكستانية حضّت الأحد الإمارة الإسلامية في كابول على اتّخاذ “خطوات صارمة” بإزاء مقاتلين يشنّون هجمات ضد باكستان من داخل الأراضي الأفغانية!!

وجاء في بيان للخارجية الباكستانية الأحد أنّ “باكستان، مرة أخرى، تدين بشدّة الإرهابيين الذين ينشطون مع تمتّعهم بحصانة على التراب الأفغاني للقيام بأنشطة في باكستان”.

وقالت الوزارة إن سبعة جنود باكستانيين قتلوا في منطقة شمال وزيرستان الخميس بأيدي “إرهابيين ينشطون من أفغانستان”.

وأضافت الوزارة “للأسف، واصل عناصر من مجموعات إرهابية محظورة في المنطقة الحدودية، بما في ذلك حركة طالبان باكستان، مهاجمة مراكز أمنية حدودية باكستانية، ما أسفر عن استشهاد عدد من الجنود الباكستانيين”.

وفي الأثناء، وجّهت حكومة أفغانستان تحذيرا لباكستان بعد الهجوم الصاروخي. وقال المتحدث باسم حكومة أفغانستان ذبيح الله مجاهد مساء السبت: “إنه عمل وحشي ويمهّد الطريق لعداوة بين أفغانستان وباكستان… على الجانب الباكستاني أن يدرك أن اندلاع حرب، لا يصب في مصلحة أي طرف”.

 

ماذا يريد الجيش الباكستاني بهذه الضربات؟

هل الضربات جاءت دفاعا عن النفس وانتقاما للجنود كما تدعي باكستان؟

وهل قامت باكستان بمثل هذه الضربات في الأراضي الهندية التي حلّقت طائراتها وقصفت مناطق داخل باكستان؟

عشرات الأسئلة، والجواب واحد وهو أن الجيش الباكستاني جيش عميل يمتثل أوامر أسياده في بريطانيا وواشنطن! ولو نظرنا إلى هذا الجيش نجده منذ عقود يتبع في أفغانستان سياسة التفريق والفتنة والفوضى، لا الأمن والوحدة والاستقرار. فلما خرج الروس حرضت المخابرات التابعة للجيش الباكستاني المجاهدين على مواصلة القتال، وليس السلام والمصالحة الأفغانية. ثم لما دخلت الجماعات الجهادية كابول وأسقطت حكومة نجيب، أثار الجيش الباكستاني الفتنة بينهم، ولما احتل الأمريكيون والقوات الصليبية أفغانستان، كان الجيش العميل أول من سارع إلى دعمها ومساندتها!

واليوم بعد رحيل الأمريكان واستقرار البلد، لم يبق أمام الغرب إلا الاستعانة بالجيش الباكستاني لزرع الفوضى والفتنة في أفغانستان. فما ينفّذه الجيش الباكستاني اليوم داخل الأراضي الأفغانية في الحقيقة ليس هجمات انتقامية لمقتل جنوده، وإنما هو تنفيذ لأوامر أسياده في الغرب، لإثارة حرب مع الإمارة الإسلامية، حتى تتوفر الفرص لدول أخرى في الحدود الأخرى لإدخال جماعات مسلحة إلى الأراضي الأفغانية، وتحدث الفوضى، وينفلت الأمن، وتتوقف مشاريع الغاز إلى الهند من تركمانستان وغير ذلك من المشاريع الاقتصادية، وتكون أفغانستان من جديد بلد الدويلات الضعيفة العاجزة بدل أن تكون بلدا واحدا قويا، يَرهَبه الأعداء والعملاء.