الملا محمد عمر .. أنقذ الحاضر، و رسم مسيرة المستقبل

أ. مصطفي حامد

 

تحيي أفغانستان ذكرى وفاة مؤسس إمارتها الإسلامية، أمير المؤمنين الملا محمد عمر مجاهد (رحمه الله) . وكل لحظة تمر على أفغانستان وشعبها هي ذكرى للملا محمد عمر. فهو القائد الذي أنقذ أفغانستان من التقسيم ومن الحروب الأهلية التي لا تنتهي بين مكوناتها العرقية والمذهبية.

فقد أراد الأعداء بعد انتصار الشعب الأفغاني على الغزو السوفيتي أن تتحول أفغانستان من دورها الذي رسمته لها الدول الاستعمارية كدولة عازلة بين المستعمرين الروس والإنجليز، إلى صيغة أخرى تناسب التطور الاستعماري الجديد. فبعد سقوط الاتحاد السوفيتى أرادت أمريكا أن تنفرد بالعالم كله، وأن تتحول أفغانستان إلى مجموعة دويلات، أو “مشيخات”، لكل منها مصدر من مصادر الثروة الهامة، وتخضع لشركة من الشركات متعددة الجنسيات، تمتص تلك الثروة في مقابل رشاوي لعملاء فاسدين لا يعنيهم دين ولا وطن.

أما الدولة الإسلامية والحكم بالشريعة -وهي الأهداف التي لأجلها جاهد شعب أفغانستان ضد النظام الشيوعي والاحتلال السوفيتي- فذلك من أشد المحرمات لدى أمريكا والغرب. فلا إسلام ولا شريعة لأفغانستان. حتى وصلت الوقاحة بحلف الناتو أن يعلن أن الإسلام كدين هو العدوّ الأساسي للغرب .

قاوم الملا محمد عمر تلك الحملة الغربية على الإسلام وأفغانستان، معتمدًا على الله ثم قوة إيمان الشعب الأفغاني. فأنشأ أهم قوتين في تاريخ أفغانستان ومستقبلها، وهما “حركة طالبان” و”الإمارة الإسلامية”.

وقد حاولت أمريكا الفصل بين القوّتين أثناء خديعة مفاوضات الدوحة. فقالت أنها ستتعامل مع طالبان وليس مع الإمارة الإسلامية. ولكن الخديعة سقطت لأن طالبان والإمارة هما قوة واحدة لا تتجزأ. فطالبان هم بمثابة السيف والدرع للإسلام وأفغانستان. أما الإمارة فهي النظام الإسلامي وحكم الشريعة العادل، الذي يحفظ الدّين وأرواح المسلمين وأموالهم .

شنّت أمريكا الحرب على الملا محمّد عمر وركائز الإسلام التي يؤسسها في أفغانستان، وهما حركة طالبان والإمارة الإسلامية .

وبعد حرب استمرت عشرين عامًا هُزِمَت أمريكا ومعها حلف الناتو والنفاق الداخلي والخارجي. وانتصر الملا عمر (الذى توفاه الله أثناء المعركة). وانتصر الإسلام في أفغانستان بالقوى التي أرساها الملا محمّد عمر والتي وصلت رايتها إلى أيدي قويّة أمينة بزعامة أمير المؤمنين عالم الحديث والقاضي المولوي هبة الله. تسانده سواعد وعقول الملايين من خير شباب الأمة من رجال الإمارة الإسلامية، الذين انتصروا في ميدان القتال على أعتى قوى الكفر والعدوان، متمثلة في أمريكا وحلف الناتو .

الإمارة الإسلامية بقياداتها الشابة الجديدة، من عمالقة حركة طالبان، والقائد الحكيم نافذ البصيرة، المولوي هبة الله، الذي يقودهم في معركة جديدة تشنها عليهم أمريكا وحلف الناتو ومنافقوا العالم. معركة تعتبر امتدادا لمعركة العشرين عاماً الماضية، والتي انتهت بهزيمة أمريكا وحلف الناتو، ولنفس الأهداف تقريبًا، وهي تقسيم أفغانستان واستبدالها بكيانات كرتونية متقاتلة فيما بينها وتقاتل جيرانها خاصة الصين وإيران، وأن تمنع مرور طريق الحرير ومشاريع التنمية المرافقة له، وأن يتحول شعب أفغانستان إلى وبال على نفسه وعلى جيرانه وأمَّته، كما فعلت شعوب إسلامية أخرى.

الملا محمد عمر رحمه الله أرسى دعائم النصر للإسلام بإنشائه الإمارة الإسلامية، تلك الراية التي انتقلتْ من يد قوية مؤمنة إلى أخرى تسير على نفس الطريق. فتولاها الملا أخترمحمّد منصور رحمه الله وحافظ على وحدة الإمارة، وحيوية جهادها، وقمع فتنة التكفير، إلى أن استقرّت الراية الآن في يد العالم القاضي “أمير المؤمنين هبة الله” ليمضي قدمًا بمسيرة الإسلام في أفغانستان.

لقد أسّس الملا محمّدعمر بناءً قويًا وعزيزًا للإسلام في أفغانستان، فكانت كل لحظة تمرّ هي ذكرى عطرة لذلك المجاهد العظيم.