الافتتاحية: زلزال أفغانستان وأكذوبة حقوق الإنسان!

ضرب زلزال بقوة (5.1 درجة) مناطق من ولاية بكتيكا جنوب شرق أفغانستان، مساء يوم الأثنين 18 يوليو 2022؛ وتسبب بإصابة 31 شخصاً بينهم أطفال ونساء، وتشريد العديد من العائلات، وتضرر عشرات المنازل. وكان زلزال سابق بقوة (6.1 درجات) ضرب نفس الولاية بالإضافة لولاية خوست، يوم الأربعاء 22 يونيو 2022، وتسبب بمقتل حوالي 1500 شخص وإصابة 2000 آخرين، وتدمير عشرة آلاف منزل وتشريد عائلاتهم.

مئات من الضحايا يئنون تحت الركام، بعضهم فارق الحياة، وبعضهم مهدد بمفارقتها. بكاء وعويل ودموع هنا وهناك. هذه أم تبحث عن أطفالها، وذاك طفل ينظر -في براءة- فيما حوله لا يدرك أنه فقد عائلته بأكملها وأصبح وحيداً في هذه الحياة الكبيرة، وأولئك رجال وشبان متطوعون يشاركون فرق الإسعاف في عمليات البحث عن أحياء من أهل قريتهم. وتلك مروحيات أتت بمعونات ومساعدات غذائية وطبية للناجين.

وقد شاركت قيادة الإمارة الإسلامية المتضررين ألمهم وحزنهم، سائلة المولى عز وجل لهم الصبر والسلوان وجزيل الأجر، والمغفرة والرحمة للشهداء، والشفاء العاجل للجرحى والمصابين. وتفقّد وزير الداخلية الملا سراج الدين حقاني -حفظه الله- أحوال الجرحى والمصابين في مستشفيات المنطقة، كما أشرف وزير الدفاع المولوي محمد يعقوب مجاهد -حفظه الله- بنفسه على الجهود الإغاثية للقوات المسلحة الأفغانية.

في هذا المصاب الأليم، بذلت إمارة أفغانستان الإسلامية قصارى جهدها لإغاثة المتضررين من المواطنين وتقديم العون اللازم لهم، حيث وجّهت قيادة الإمارة الإسلامية هيئة الإغاثة ومكافحة الكوارث وجميع الجهات المعنية بسرعة وصول المروحيات وسيارات الإسعاف للمناطق المتضررة واستخدام جميع الموارد المتاحة لإنقاذ حياة المنكوبين وتقديم إمدادات الإغاثة لهم، وإخراج القتلى من تحت الأنقاض.

لقد سخرت الإمارة الإسلامية، وهي الحكومة الفتيّة التي لم يمضِ عامٌ واحد على تحريرها البلاد وتولي زمام الأمور فيها؛ كافة إمكاناتها وبذلت جميع مافي طوقها من أجل عمليات الإغاثة والبحث والإنقاذ. لكن الحظر الاقتصادي والتضييق السياسي المفروضان -جوراً- من قبل الولايات المتحدة على حكومة الإمارة الإسلامية حالا دون توفر الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية في المستشفيات الأفغانية، وضاعفا معاناة الشعب الأفغاني.

 

إنه من المخزي أن يعاني الشعب الأفغاني نقصاً حاداً في المواد الصحية الأساسية وتضييقاً في معيشته، لا سيما في مثل هذه الكارثة العصيبة؛ في الحين الذي تحتجز فيه الولايات المتحدة -دون وجه حق- المليارات من أصوله المالية، وتتصرف بها في لصوصية حديثة منقطعة النظير! بل وتفرض على حكومة بلاده ما يشبه الحصار على الصعيدين السياسي والاقتصادي؛ وكأنها تريد معاقبة هذا الشعب على إبائه وأنفته وعزة نفسه واستعصائه على الخضوع للمحتل!

إن طريقة تعاطي العالم -في المجمل، وباستثناء بعض الدول القليله- مع هذه الكارثة الإنسانية التي راح ضحيتها مئات الأرواح، مخجلة ومعيبة ولا تعكس حجم الفاجعة. ففي الحين الذي تتنادى فيه دول العالم للمساعدات والإغاثات والمعونات التي يفرضها الضمير الإنساني والواجب الأخلاقي والمسؤولية الدولية عند حصول الكوارث الطبيعية في أي بلد؛ نجد هذه الدول تتنكر لمأساة الشعب الأفغاني في هذا الزلزال المدمر، وتقف متفرجة على مصابه، غير آبهة بحقوق الإنسان وغير الإنسان، لا يحرك فيها ساكناً أنين الصغار ودموع النساء واستغاثات الشيوخ.

 

ما أحدٌ فضح زيف وأكاذيب شعارات الغرب عن “الإنسانية” و”حقوق الإنسان” كما فضحها “إنسان” أفغانستان! لعشرين عاماً أرادوا فرض قيمهم وثقافتهم على الشعب الأفغاني بقوة الحديد والنار وبالأطنان من الصواريخ والقذائف، والآن -بعد طردهم من البلاد- يريدون فرضها بالتضييق عليه في عيشه وقوْت عياله.