الخلط بين منع (التعليم) ومنع (الاختلاط)

د. سـلـطـان الـحـربـي

 

ما التفتوا لفقرهم وجوعهم، وما احتفلوا معهم بنصرهم على عدو الإسلام وعدوّهم، وما أعانوهم بشيء بل قاطعوهم، وفجأة ينتبهون ساخطين شامتين متعالين على هؤلاء «المتخلفين» الذين منعوا تعلّم البنات البالغات حتى يتحقق منع الاختلاط. الأفغاني عزيز بدينه ويشعر بخذلان عميق من الأمة.

هناك خلط خبيث مُتعمّد بين تعليم البنات ومنع الاختلاط بهدف تشويه صورة الحكومة الأفغانية وشيطنتها وشيطنة كل ما يمت للإسلام بصلة. الحكومة الأفغانية سمحت بتعليم البنات 14 شهرًا آمِلةً تحقيق الشروط الشرعية للاختلاط والسفر فعجزت. المطلوب دعمها لتحقيق المطلوب ودراسة البنات لا شيطنتها.

ملؤوا أرجاء الإعلام بحدث منع الفتيات مؤقتًا في أفغانستان من التعليم، ولم ينتبهوا لجوع المسلمين هناك ولا فاقتهم. عالَم عديم أخلاق يتحيّن الفرص ليضرب ضربته دون أدنى انسانيّة.

سر صمود طالبان هو سمو رسالتها والتفاف الشعب المشارك لها بالرؤية حولها. عدو طالبان المسلم يكون منهزمًا داخليّا لما يقولون له من حوله بأنه يقاتل الإسلام من أجل أمريكا. طالبان حصلت على فرصة لم يحصل عليها أحد في العالم بفضل الله وعليها أن تُري العالم الإسلام الصحيح الراقي الضارب.

الحكومة الأفغانية تعكس الرجل الأفغاني الصابر الشجاع الهادئ المتزن. هم ما عندهم ثورة ولا يطمحون لتصدير فكر، ففكرهم هو أصلًا ما يؤمن به كل مسلم. هم يريدون العيش بسلام بما يرضي الله. طالبان اليوم أمام تحدٍّ كبير، فهم لا ينحنون ولكن أيضًا يجب أن يسيروا على الطريق الصحيح وهم يجتهدون.

حلمي هو أن تكون أفغانستان بلدًا اسلاميًّا مختلفًا.. بلد خير ومحبة وسلام لكل المسلمين، والأفغاني بطبعه كريم ويرد التحيّة بأحسن منها. أفغانستان اليوم بلد حر، فبينما تدور الدول في فلك القطب الأمريكي أو الروسي تدور طالبان في فلَكٍ خاص بها حول شخصيتها الإسلامية الحرّة.

إذا نجت طالبان من الفساد المالي ستنهض اقتصاديًّا وتنمويًّا بأقل القليل من المال، وإذا نجت من الفساد الأخلاقي فإن سواعد شبابها سيُعجّلون من نهضتها، وإذا نجت من الفساد الفكري فسترقى فكريًّا وتُنتج ما يبهر العالم في الثقافة الإسلامية.. ونسأل الله لها ولكل بلاد المسلمين النجاة.

الأفغاني ليس ضد تعليم المرأة وإنما ضد الاختلاط، وبسبب فقر الدولة فهو عاجز عن تحقيق منع الاختلاط. مطلوب من نسويّات العالم والمنظمات الدولية دعم المرأة من خلال بناء المدارس والمعاهد والجامعات لها، ولكنهم لن يفعلوا، فهدفهم هو تشويه سمعة البلد لا نهضته.

من الجميل أن أفغانستان لديها هيئة علماء تتخذ القرارات المتوافقة مع الشريعة حسب فهمهم، فبدون هكذا هيئة بهكذا سلطات يكون تطبيق الشريعة كذبة ويكون الحاكم هو الهوى وليس شرع الله.

أمريكا تبيح الاجهاض مرة وتمنعه أخرى ولا يتدخّل أحد بشؤونها، والدول العربية يغضب بعض مواطنيها لمّا يتدخّل أحد بشؤونهم.. إلا أفغانستان، يتدخّل الجميع ويفرضون وصايتهم ويحقّرون القرار والرأي الأفغاني! عجبي.