التعليم في الإمارة الإسلامية ــ نظرة مستقبلية ــ

الإمارة الإسلامية حررت بلادها من الاحتلال الصليبي، وتجهز الميدان لجهاد تعليمي يحرر شباب أفغانستان من الاحتلال الثقافي الغربي.

أ.مصطفى حامد – أبو الوليد المصري

 

■ ضرورة إيجاد نظام تعليمي يلبي الاحتياجات الدفاعية وينتج مجاهد مؤمن مزود بأرقى المعدات العصرية.

■ بالتعليم الإسلامي يستغني الشعب الأفغاني المتحد عن الأمم المتحدة، ومنظمات الجاسوسية الدولية.

■ بحكم الأوضاع الدولية ستصبح وزارة الصحة جزء من الوزارات الأمنية، وهي: دفاع، داخلية، مخابرات.

■ المتدربين والمتدربات ـ وجميعهم من المتعلمين ـ سيقضون فترة الممارسة العملية بالمستشفيات، تليها ممارسة في معسكرات المهاجرين، لتقديم الخدمات الطبية والعمل الإداري.

■ لن يتخرج أحد من برامج المشروع الطبي ليكون عاطلا. بل سيتخرج (سواء كان شابا أو شابة) كقوة عاملة عالية القيمة، لا يستغني عنها المجتمع في أي ظروف عادية أو طارئة. وبهذا يتحقق الربط ما بين: التعليم/والفريضة الدينية/والوظيفة الاجتماعية.

■ استيعاب شباب الجامعات ضمن القوات المسلحة، وتحويل عساكر الجيش القديم إلى سوق العمل.

■ يمكن إجراء عملية استبدال كبرى داخل الجيش، لنحصل على عائد أكبر من طاقات الشباب المتعلم، والنهوض بالإنتاج داخل البلد.

■ سيحصل خريج علوم الشريعة على درجة في تخصصه الشرعي، مع درجة في تخصص عصري أو أكثر ــ وبالمثل مع خريج العلوم العصرية، إذ سيحصل على درجة معترف بها في العلوم الدينية.

■ وكما كانت معركة تحرير الأرض ذات طابع هجومي استشهادي، ستكون معركة تحرير العقول الشابة.

 

الاستعمار الغربي، ومن أجل إحكام سيطرته على البلاد الإسلامية ركز مجهوده على ثلاث أهداف يرى أنه إذا تخلص منها يترسخ احتلاله لبلاد المسلمين، وسيطرته على الشعوب الإسلامية.

الأهداف الثلاثة هي: القرآن ـ عالِم الدين ـ المرأة المحجبة.

التخلص من تلك أهداف يستدعي بالضرورة تحطيم النظام التعليمي القائم على الدين (القرآن)، وإضعاف عالم الدين (المدرس ـ القائدـ القدوة). والتحكم في المرأة التي هي روح المجتمع وحارس قيم الأسرة والمربي الأول للأجيال.

النظام التعليمي هو تجميع لتلك العناصر الثلاثة: القرآن ـ عالِم الدين ـ المرأة المحجبة. وبالتالي كان استهداف التعليم هو عدوان يصيب كل عناصر القوة في المجتمع المسلم. فهو البوابة الأساسية لاختراق المجتمعات ودوام سيطرة الغرب الصليبي عليها، حتى بعد انسحاب جيوشه، وتولي حكم البلاد “المستقلة” شكلياً، تلك الأجيال التي رباها المستعمر الأوروبي في مدارسه، طبقا لنظم تعليميه اخترعها خصيصاً لتلك البلدان، ليس بهدف ترقيتها علميا، بل لسلخها عن الدين، واستعبادها عقائدياً وثقافياً وروحياً. فقد حَوَّلَ قادتها ومتعلميها إلى نسخة مشوهة عنه، وتابع ذليل أشد حرصًا على اقتفاء أثره وخدمته.

وتلك مشكلة كبرى مازالت تعيشها المجتمعات الإسلامية وهي مشكلة الضياع وفقدان الهدف والهوية…

 

رأى العدو اليهودي، والغربي المستعمر، أن المرأة هي الكيان الأضعف في المجتمع. فركز ثقله لتحقيق عدة أهداف، الأول إبعادها عن الإسلام (القرآن)، والطريق هو نزع الحجاب. واختار لذلك شعارًا براقًا هو تحرير المرأة من قيود الشريعة الإسلامية.

الهدف الثاني كان إخراج المرأة من بيتها بشتى السبل والحجج مثل العمل للحصول على الاستقلال المالي والتحرر من سيطرة الرجل (الزوج ـ الابن ـ الأب) على اعتبار أن المجتمع كله يضطهد المرأة لكونها امرأة.

لخص تلك العملية أحد المخططين لمحاربة الإسلام عن طريق انحراف المرأة، فقال ما معناه: ننزع حجاب المرأة ونلف به القرآن (أي نستبعده من المجتمع)، وهكذا وضع الغرب المرأة المسلمة في حرب علي جبهتين، جبهة مع الدين لنزع الحجاب والتحرر من “قيود الشريعة الإسلامية”. والجبهة الثانية هي الخروج إلى سوق العمل واكتساب المال للعيش بحرية من القيود التي تقيد المرأة، مثل الزواج وتربية الأطفال ورعاية أحكام الدين والمثل العليا داخل بيتها.

 

بسبب الشريعة.. أمريكا تشن حربا معقدة على أفغانستان

– تخوض أمريكا واليهودية الدولية حربا شرسة ضد أفغانستان بسبب أن الإمارة الإسلامية تطبق الشريعة الإسلامية في كافة النواحي، وليس فقط في قانون العقوبات والتعزيرات. تطبقه في الاقتصاد والتعليم وجميع التعاملات داخل المجتمع. كما تحافظ الإمارة الإسلامية على السلم الاجتماعي والتآخي بين فئات المجتمع وترسيخ السلام الاجتماعي والتعاون فيما بينها. والحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها من أي عدوان خارجي. لهذا تعتبر الولايات المتحدة أن الإمارة الإسلامية ضمن أعدائها الخطرين.

وقد توعد الرئيس الأمريكي بايدن في بداية حكمه (أن أفغانستان لن تتوحد أو تُبْنى أبداً). هذا بينما أهم أهداف الإمارة الإسلامية هو بناء وتوحيد أفغانستان تحت راية الإمارة الإسلامية. وبشكل أكثر وضوحاً قال الجنرال ولسلي كلارك (قائد الناتوـ سابقا): “من كان يظن أننا خرجنا لأفغانستان انتقاماً لأحداث سبتمبر، فليصحح خطأه. نحن خرجنا لقضية اسمها الإسلام. لا نريد أن يبقى الإسلام نموذجاً حراً يقرر فيه المسلمون ما هو الإسلام، نحن الذين نقرر لهم ما هو الإسلام”.

نفهم من كلام الجنرال أن هدف الحرب الأمريكية على أفغانستان كان التخلص من الإمارة الإسلامية وليس تنظيم القاعدة. فالإمارة لديها النظام الإسلامي الصحيح الذي تطبقه في الحياة، لتحقيق السعادة والحرية للشعب الأفغاني.

– الإمارة الإسلامية تسير على عكس ما يقوله الرئيس بايدن والجنرال كلارك. وسوف تبني الإمارة الإسلامية بلادها اعتماداً على القرآن (الشريعة الإسلامية)، والعلماء، والشباب (رجالاً ونساءً).

 

كان من أول أعمال الاحتلال الأمريكي الأوروبي لأفغانستان هو إلغاء نظام التعليم الذي أقامته الإمارة الإسلامية. فجِمَعَ الاحتلال كل الكتب الدراسية وتخلص منها، وأحضرت أمريكا بالطائرات كتباً من الولايات المتحدة ألَّفَتْها وطبعتها هناك، وفرضتها على أبناء أفغانستان من الأولاد والبنات.

والآن، في مواجهة هي أقرب إلى الثورة الملونة المعادية للإسلام والشريعة، يقف أمام الإمارة الإسلامية شباب تخرجوا من تلك المدارس، أو مازالوا يتعلمون طبق مناهجها الدراسية.

وضعت أمريكا البنات في صدارة المواجهة مع الإمارة والمجتمع الأفغاني، حتى يجد الغرب مبرراً أخلاقيا لدعم الثورة المضادة للإسلام في أفغانستان، تحت ذريعة تحرير المرأة من الحجاب وتوفير فرص عمل للنساء مع الجهات الأجنبية والدولية العاملة في أفغانستان.

الإمارة الإسلامية أمام تحدي أساسي إزاء مشكلة التعليم. لأن الاستعمار الأمريكي ألغى التعليم الذي كان قائما في عهد الإمارة الإسلامية، وأن أعدادا ضخمة من الشباب والشابات، مازالوا منخرطين في التعليم الاستعماري من مراحله الأولى وحتى مراحله الجامعية.

ولأن إعداد نظام تعليمي جديد مسألة صعبة وعالية التكاليف وتحتاج إلى وقت؛ لأجل ذلك يمكن السير في برنامجين للتعليم في آن واحد:

1 ــ برنامج طارئ للتنفيذ الفوري.

2 ـ برنامج طويل المدى لتأسيس نظام تعليمي متكامل يخدم أفغانستان بدينها ومصالحها.

 

نتيجة للظروف الداخلية في أفغانستان والظروف الخارجية للعالم المحيط بها، وما يحمله من فرص هائلة للتنمية ومخاطر على أمن أفغانستان في نفس الوقت، فإن الإمارة الإسلامية تجد نفسها في حاجة إلى بناء أربعة ركائز هي:

أولًا: نظام تعليمي قائم على العلوم الدينية والعصرية في آن واحد.

ثانيًا: نظام إقتصادي قائم على مبادئ الشريعة، ومنها:

أ – العدالة في توزيع الثروات.

ب – إطلاق العنان للنشاط البشري في تنمية الثروات وتلبية احتياجات الناس، طبقا لقواعد الدين في الكسب والإنفاق، وتوزيع الثروة، ومنع الاحتكار.

ج ــ منع التعامل بالربا بشكل مطلق.

ثالثا: إقامة نظام دفاعي يلائم التاريخ الجهادي لأفغانستان والتحديات الداخلية والخارجية، والتطور الكاسح في الحروب، واعتمادها على المعارف العلمية فائقة التطور، والتكنولوجيا المصاحبة لذلك، والاعتماد على المعرفة أكثر من الاعتماد على العنصر البشري المقاتل في الميدان.

رابعاً: بناء نظام صحي لمعالجة الأوضاع الصحية المتردية في أفغانستان، نتيجة عقود من الحروب المتواصلة واستهداف الاحتلال الأمريكي لصحة المواطنين، ونشر الأمراض والأوبئة، والمواد المشعة القاتلة، وتخريب التربة والهواء، وماء الأنهار، والمياه الجوفية تحت الأرض.

ولأن الحروب الحديثة أصبحت تعتمد بشكل كبير على نشر الأوبئة والمواد المشعة، فيتحتم على الإمارة الاهتمام بالموضوع الصحي، وبناء جهاز يعتمد في معظمه على الطب التقليدي، الذي أثبت فاعليته بين الشعب الأفغاني (لم يكشف النقاب عن أكثر تلك الإنجازات نتيجة عدم الاهتمام بها أصلاً). مع الاهتمام أيضا بالطب الحديث وتصنيع الدواء/ التقليدي والغربي/ محليا أو بالاشتراك مع الدول الصديقة ذات الظروف المشابهة.

 

مخاطر استثنائية.. في الظروف الحالية

الركائز الأربعة المذكورة أعلاه، يجب أن يبدأ العمل فيها جميعاً دفعة واحدة، في برنامج طارئ، يبدأ على الفور بالإمكانيات المتوفرة.

يحتاج برنامج الطوارئ والبرنامج الدائم إلي قاطرة قوية تقوده ليحدد مصير أفغانستان. تلك القاطرة تتكون أساساً من الوزارات العاملة في الدفاع والأمن، وهي التي ستتحمل العبء الأكبر. وينضم معها في مجلس الطوارئ (ربما يصبح أسمه لاحقاً مجلس الأمن القومي)، وزارات الأشغال العامة والاقتصاد والطاقة والصحة.

 

برامج عاجلة للإنطلاق

يمكن وضع برامج طارئة وعاجلة للانطلاق في كافة المجالات المطلوبة اعتمادا على ما هو متوفر بالفعل داخل أفغانستان، من طاقات بشرية وإمكانات مالية، وما يمكن توفيره بالعلاقات السياسية والتعاون مع الدول الجارة والصديقة.

من تلك المشاريع ما يلي:

مشروع الخدمات الطبية الطارئة:

يجب التأكيد علي أن الحروب الحديثة قد انحرفت بشدة صوب الحروب البيولوجية والجرثومية والإشعاعية. لهذا فإن العمل الصحي / وزارات الصحة؛ أصبحت وزارات جهادية للدفاع والوقاية وحماية الصحة العامة للمواطنين.

وبحكم الأوضاع الدولية ستصبح وزارة الصحة جزء من الوزارات الأمنية، وهي: دفاع، داخلية، مخابرات.

يشرف على الجهاد الصحي قائد جهادي ذو خلفية قتالية وسياسية. للمشروعات الصحية شق داخلي ينفذ داخل أفغانستان، وشق آخر ينفذ على شكل بعثات تعليمية وتدريبية في دول جارة أو صديقة.

 

النساء والجهاد الصحي والإغاثي:

– لمشروعات الجهاد الصحي شق نسائي تترأسه طبيبة ذات خبرة بالعمل الأكاديمي أو الإغاثي أو الممارسة الطبية العامة في مناطق خارج العاصمة. ومسؤوليتها تكون إدارة الجانب النسوي في المشروع.

أما الجانب الرجالي فيترأسه طبيب له نفس المؤهلات ويدير الشق الخاص بالشباب في المشروع.

عناصر المشروع من الفتيان والفتيات هم من طلاب الجامعة ولا يشترط إستكمالهم للتعليم الجامعي. ويكون عملهم طبقا لمبدأ التطوع بالنسبة للبعض، أو التجنيد الإلزامي للبعض الأخر.

وسيتلقون رواتب بمجرد انضمامهم إلى المشروع، وخلال التدريب في المستشفيات. ومع تقدمهم فى التدريب والممارسة، تصبح لهم درجات وظيفية ومرتبات متصاعدة.

 

التدريب الطبي الداخلي:

للفتيات والفتيان المنضمين إلى المشروع الطبي تعقد لهم دورات في المستشفيات الحكومية الكبيرة، في موضوعات تحددها الإدارة الطبية للمشروع. وتشمل بطبيعة الحال الإسعافات الأولية وأعمال التمريض، والتعامل مع الأمراض المعدية وإصابات الحرب، وأصحاب الأمراض المزمنة، والتعامل مع الأوبئة، والكوارث الطبيعية من سيول وزلازل وحرائق، والتعامل مع تأثيرات العمليات الإرهابية.

– الفتيات المتدربات يعملن في أقسام النساء والأطفال وأقسام الولادة. جميع المتدربين والمتدربات يتلقون دورة في الصيدلة عن أنواع الأدوية المشهورة.

المتدربين والمتدربات ـ وجميعهم من المتعلمين ـ يقضون فترة محددة في الممارسة العملية بالمستشفيات، تليها ممارسة في معسكرات المهاجرين، للتدريب على تقديم الخدمات الطبية والعمل الإداري.

 

البعثات الطبية إلى الخارج:

مجموعات أخرى في نفس الوقت تقوم بالتدريب، في بعثات خارج الإمارة، على فنون الطب والصيدلة التقليدية، اعتمادا على الأعشاب الطبية، وأنواع كثيرة منها موجود داخل أفغانستان.

بعد إتمام دورة البعثة الخارجية والدورة الداخلية للمتدربين في أفغانستان يمكن استبدال المواقع، وأن يأخذ كل فريق مكان الفريق الآخر في التدريبات.

ويتوالى التدريب بهذا الشكل إلى أن يصبح عندنا جهاز متكامل للخدمات الطبية الطارئة. ويمكن أن يصبح له جهاز إداري مستقل، وأن يلتحق بمجلس الأمن القومي.

جهاز الخدمات الطبية الطارئة سيكون إضافة قيمة جدا للدفاع الجهادي عن أفغانستان في ظروف الانتشار العالمي للحروب البيولوجية والإشعاعية. كما أن ذلك الجهاز سوف يؤدي عند اكتماله إلى الاستغناء عن مؤسسات الإغاثة الدولية. وبذلك سينخفض مستوى الاختراقات الأمنية والتجسسية للمجتمع الأفغاني.

– بالتعليم الإسلامي يستغني الشعب الأفغاني المتحد عن الأمم المتحدة، ومنظمات الجاسوسية الدولية.

– بعد تكوين هذا الجهاز للخدمات الطبية الطارئة يمكن أن ينبثق عنه تعليم طبي ومناهج علمية.

– نظرية العمل تعتمد على الطب وصيدلة الأعشاب الطبيعية حتى تتخلص البلاد من سيطرة الغرب واحتكاره للأدوية التي يتلاعب بها ويستغل الشعوب ويخَرِّب صحتهم.

يتبقى للطب الحديث أفرع محددة تعتمد على أجهزة متطورة وعلاج بوسائل حديثة جدا مثل المواد المشعة. هذه الأنواع من الطب يتبقى لها مجال في كليات الطب الجديدة ويكون لها برامجها العلمية الخاصة جداً.

 

– ملاحظة: نفقات هذا المشروع أثناء العمل فيه، إلى حين استكمال “قطاع الأمن الصحي والطوارئ” مع جامعة طبية حديثة، ميزانية ذلك المشروع يشارك فيها (بيت مال المسلمين) التابع للإمارة، وميزانية الوزرات المختصة بالمشروع، مثل وزارات الصحة والأمن والدفاع. تلك الوزارات سوف تستوعب، ضمن كوادرها الوظيفية، ما تحتاجه من الخريجين الطبيين في أعمال صحية منفصلة عن “مشروع الأمن الطبي والطوارئ”. وهذا يعني أنه لن يتخرج أحد من برامج المشروع الطبي ليكون عاطلا، بل سيتخرج (سواء كان شابا أو شابة) كقوة عاملة عالية القيمة، لا يستغني عنها المجتمع في أي ظروف عادية أو طارئة. وبهذا يتحقق الربط بين: التعليم/ والفريضة الدينية/ والوظيفة الاجتماعية.

– الإمارة الإسلامية ترعى وتنفق على الشباب والشابات الذين تحتاجهم لبناء دولة قوية ومجتمع صحي ومتعافي لتكتمل الدولة بشكلها الديني والأخلاقي والاجتماعي، بالتعاون بين الإمارة والشباب والمجتمع في رسالة واحدة، في أجزاء لا يمكن انفصال بعضها عن بعض. وذلك على عكس مبدأ الصراع والأنانية والهدم المتبادل الذي تنشره المبادئ اليهودية في المجتمعات من خلال التعليم، للسيطرة على الإنسانية بطرق شيطانية.

 

قاطرة الصناعات الدفاعية والأمنية

وهي القوة الرافعة الأساسية لنهضة التعليم والاقتصاد بشقيه الصناعي والزراعي، ونهضة العلوم بكافة أفرعها وتطوير التكنولوجيا وفنون الصناعة، والصعود إلى الأجواء والفضاء بالعلم والاختراع، لحماية الوطن والمواطنين والحفاظ على الدين والأرض والثقافة.

يمكن للقاطرة الدفاعية الأمنية أن تمتص الأزمة الحالية المتعلقة بالتعليم الجامعي، إلى حين إتمام منظومة تعليمية جديدة لأفغانستان، بديلاً عن المنظومة الأمريكية التي جاء بها الاحتلال.

– سيقود هذا إلى بلورة التنظيم الدفاعي للإمارة الإسلامية وهو أحد الأركان الأربعة التي ذكرناها لإنشاء كيان متكامل إسلامي للإمارة.

تلك الأركان هي للتذكرة (التعليم ـ الاقتصاد ـ الدفاع ـ الصحة).

– يحتاج الحديث عن التنظيم الدفاعي إلى تفصيلات ليس هنا محلها. ولكن نقول بشكل عام ما يلي:

– نقطة القوة الدفاعية للإمارة هو المجاهد الذي انتصر على جيوش أمريكا وحلف الناتو في حرب استمرت عقدين من الزمان. وقاتل الجيل الذي سبقه ضد السوفييت والشيوعيين لمدة 15 عامًا. ذلك المجاهد لم يمتلك سلاحا مناسبا ولا تكنولوجيا. وجابهته في الميدان أسلحة لم يسمع عنها من قبل، ولم يواجهها أحد من قبل، ولم تستخدم في ميدان آخر غير أفغانستان. ولكنه حصل على كل شيء وامتلك كل شيء. فعندما يمتلك المجاهد الإيمان والعزيمة، يستطيع أن يأخذ ما بين يدي عدوه من أسلحة، وأن يسيطر أو يخترق أجهزته البشرية.

– في نفس الوقت يتخلى الغرب واليهود في العقائد العسكرية الجديدة، عن العنصر المقاتل على الأرض، لصالح التكنولوجيا المتفوقة التي تسيطر على الفضاء، والأسلحة التي تعمل عن بُعْد مثل طائرات الدرونز والأقمار الصناعية والصواريخ بعيدة المدى، وأسلحة الدمار الشامل، والحرب البيولوجية.

فالحرب بيننا وبين العدو ستكون حرباً للإنسان المؤمن ضد التكنولوجيا فائقة التطور التي تدار عن بعد.

سَيُطَوِّر العدو التكنولوجيا ليستغني عن المزيد من الجنود المقاتلين على الأرض، ويزيد من عدد المشتغلين وراء أجهزة الحاسوب (الكمبيوتر).

– الإمارة ستواصل إنتاج العنصر البشري المجاهد المؤمن. ولكن ستضع في يده أقصى ما يمكنها الحصول عليه من التكنولوجيا. لهذا لابد من تطوير العلوم الحديثة والصناعات المعقدة المتطورة، وعلوم الطب والفضاء. وحتى العلوم النووية والبيولوجية وعلوم البحار.

– يتضح مما سبق أننا في حاجة إلى نظام تعليمي يلبي تلك الاحتياجات الدفاعية. أي ينتج لها مقاتل مجاهد مؤمن فدائي مزود بأرقى المعدات العصرية. هذا هو الهدف بعيد المدى للنظام التعليمي الذي تواجه الإمارة تحدي بنائه.

وفي ظل الأزمة الحالية في نظام التعليم الذي خلَّفَه الاحتلال الأمريكي. وأزمة المتعلمين التي حركها الأمريكي وأجهزته الإعلامية والتجسسية العاملة في أفغانستان. بشكل عاجل يمكن الاستفادة من القوة البشرية المتاحة في أفغانستان لدعم الدفاعات على محورين:

الأول: تشكيلات القوة الجهادية الأرضية والتي يمكن تسميتها (قوات الصدمة)، والمكونة حاليا من مجاهدي الانتصار الأخير. ويُفْتَح التجنيد علي هذه القوات من أبناء المجاهدين والشهداء طبقاً لسجلات السنوات الأربعين الماضية. وأن يستمر ذلك التجنيد ضمن (قوات الصدمة) كجنود وضباط، حصراً على تلك الفئات، للأربعين سنة القادمة.

الثاني: الطلبة والطالبات يمكنهم أن ينخرطوا في أقسام العلوم التجريبية والتصنيع الراقي. أو العمل الإداري أو التقني ضمن الأفرع العسكرية التي لا تحتاج إلى أيدي بشرية كثيرة مثل أقسام الطائرات بدون طيار، ومنظومات الاتصال واللاسلكي والردار.. إلخ.

تلك هي الأقسام التي يمكن أن يشغلها في الوقت الحالي/ وإلى حين استكمال النظام التعليمي الجديد/ طلاب وطالبات الجامعات والمدارس الثانوية. وبالطبع سيكون للوزارات المعنية القول الفصل في الموضوع.

 

استيعاب شباب الجامعات ضمن القوات المسلحة، وتحويل عساكر الجيش القديم إلى سوق العمل

يمكن إجراء عملية استبدال كبرى داخل الجيش والقوات الأمنية، لنحصل على عائد أكبر من طاقات الشباب، والنهوض بالإنتاج داخل البلد، والنهوض بمستوى العاملين في القوات المسلحة والأمن.

– دول عربية/ قبل حرب عام 1973 مع إسرائيل/ عندما أرادت النهوض بمستوى التسليح، باستخدام معدات حديثة مثل الصواريخ والرادارات والمدفعية والاتصالات والحرب الكيماوية، استعانت بأبنائها من خريجي المدارس العليا والجامعات وضمتهم إلى صفوف قواتها المسلحة، خاصة الأقسام التي تحتاج إلى قدر من الدراية بالعلوم الحديثة.

وفي الوقت الحالي توجد معدات عسكرية مثل الطائرات بدون طيار، خاصة في مراحل التصنيع والتشغيل، يمكنها أن تستوعب قدراً جيداً من الطاقات النسائية، لأنها قليلة الخطر والمجهود الجسماني، وهي في حاجة إلى التركيز والدقة. وهي صفات تتوفر أكثر لدى النساء.

ويمكن إضافة أقسام خاصة، مثل الأعمال الإدارية والحسابية في أقسام قطع الغيار، وعمليات الصيانة في القوات الجوية. كل تلك الأقسام يمكنها استيعاب المجندات من النساء. وهو ما يمكن أن تفعله القوات المسلحة في أفغانستان سواء في الجيش أو الشرطة أو الاستخبارات.

 

عملية الاستبدال

مع إدخال آلاف من طلاب المدارس والجامعات إلى الجيش والقوات الأمنية، يمكن تسريح الجنود العاديين وإطلاق سراحهم إلى سوق العمل، حيث الاستفادة منهم تكون أكبر. وفي نفس الوقت فإن طلاب المدارس الثانوية والجامعات سيكونون أكثر قدرة في التعامل مع أسلحة المدفعية والدبابات، نظرا لإلمامهم بعلوم الرياضيات والفيزياء.

أما أصحاب الدراية بالعلوم الكيماوية فالقوات المسلحة ستكون أكثر حاجة إليهم في مجال الحرب الكيماوية والوقاية منها. وهكذا فإن إعادة توزيع الطاقات البشرية بين التعليم والجيش والحرف المدنية، سوف يزيد من الكفاءة الإنتاجية لجميع تلك الأفرع.

– وبتطبيق ذلك الأسلوب لمدة تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات، سيكون النظام التعليمي قد تم استكماله بشكله الجديد، ليحل محل التعليم الاستعماري القائم حاليًا في مدارسنا وجامعاتنا.

كما أنّ تلك الفترة الانتقالية سيتشكل خلالها قاعدة قوية تستقبل خريجي التعليم الجديد في مجالات العمل الخاص أو الحكومي.

 

ملامح من النّظام التعليمي القادم

كما ذكرنا في عدة مواضع سابقة، فإن الهدف من التعليم في الإمارة الإسلامية سيكون:

1 ـ ربط التعليم بالدين بشكل قوي طوال مراحل الدراسة.

2 – ربط التخصصات الدراسية بالاحتياجات الفعلية للمجتمع، ومتطلبات سوق العمل، والاستجابة لعملية التنمية المستمرة القائمة داخل البلد.

3 ـ يلاحظ أن التعليم في الإمارة الإسلامية سيكون مجانيًا في جميع مراحله. فهو من أهم حقوق المواطن على الإمارة.

المرحلة الإلزامية في التعليم قد تكون مدتها من 9 إلى 10 سنوات. ويجب أن يحضرها جميع مواطني الإمارة من الذكور والإناث.

4 – تتكفل الإمارة بنفقات تعليم الطلاب في التخصصات التي تحتاجها، خاصة في مجالات الأمن والبحث والتطوير والصناعات فائقة التطور أو الدراسات المتقدمة جدا في شتى المجالات. كلها ستكون على نفقة الإمارة ويعمل الخريج موظفا لديها بعد انتهاء دراسته.

5 – تقرر الإمارة المنهج الديني المناسب لكل مرحلة تعليمية، مع تركيز خاص على مرحلة التعليم الإلزامي التي يتشكل فيها الفهم المشترك والانتماء للدين وأخلاقياته. وهي المرحلة التي تقي المجتمع من التناحر الثقافي والتمزق بين تيارات فكرية وعقائدية.

6 ـ بشكل عام سيكون لدينا فرعان أساسيان للتعليم هما:

أ ـ فرع العلوم الشرعية.

ب ـ فرع العلوم العصرية (التطبيقية).

يلاحظ أن التعليم الشرعي سوف تُحَدَدْ له جرعات من العلوم العصرية.

(سيحمل خريج علوم الشريعة على درجة في تخصصه الشرعي، إضافة إلى درجة في تخصص عصري أو أكثر ــ وبالمثل مع خريج العلوم العصرية، إذ سيحصل على درجة معترف بها في العلوم الدينية).

– (خريجى العلوم الشرعية سيتم توزيعهم على مختلف أجهزة الدولة أو القطاع الخاص والمشاريع العامة. مع مراعاة درجتهم العلمية الشرعية ـ وبما يتفق مع العلوم العصرية التي درسوها) ــ وذلك يعني عدم تهميش دارسي العلوم الشرعية، أو طردهم خارج مسيرة المجتمع والدولة، أو قصر دورهم على المساجد، فلا يتخطونها بقول أو فعل.. لأن ذلك يعكس نظرة استعمارية للدين تفصله عن الحياة، وتسعى إلى القضاء على دور العالم ودور القرآن، الذي يرى الغرب أنه خطر يعترض سيطرته على المسلمين.

– كما أنّ التعليم العصري التطبيقي سوف تُعَيَّن له كمية مناسبة من العلوم الشرعية. بحيث يحصل كل خريج في نهاية دراسته على مرتبة معترف بها في العلوم الدينية، ويخضع فيها لاختبارات من علماء الشريعة.

 

مخاطر أجهزة الترفيه على التعليم الإسلامي

لا يمكن شحن وعاء بالماء، طالما أن في القاع ثقب كبير يتسرب منه الماء. وبالمثل لا يمكن إعادة القيم الإسلامية والممارسات الدينية الصحيحة إلى مجتمع، أو إعادة التعليم وربطه بالإسلام كما ينبغي له أن يكون. فمهما وضعنا من مناهج تعليمية أو توجهنا إلى الناس في المساجد بخطب يلقيها علماء ينصحون. فكل مجهود للبناء الديني الصحيح هو مجهود ضائع، طالما وجدت وسائل الاتصال الحديثة بشكل وبائي بين أيدي الجمهور.

وقد تعمّد الغرب ذلك بطريقة إجرامية، بأن أنتج أجيالا متطورة من تلك الأدوات ومن البرامج الدعائية المدمرة للدين والأخلاق وللطبيعة البشرية نفسها. ومارس اليهود الضغوط على حكومات العالم حتى تجيز ذلك الانتشار، الذي يمثل غزواً ثقافياً لقيم يهودية صرفة، لتمكينهم من السيطرة على العالم بمحو جميع الثقافات والأديان، حتى يكون العالم خالصًا بين أيديهم بلا مقاومة.

ونرى لهذا الأمر العديد من الشواهد. وما خفي عنا أكثر مما نرى.

– تلك المعدات التي تحمل غزوا ثقافيًا ودينيًا هي: الهاتف النقال، والإنترنت، تليها في الخطورة أجهزة التلفاز، خاصة المتصلة بالأقمار الصناعية.

لا حل سوى التدخل بقوة للسيطرة على تلك الأجهزة المتطورة (الهاتف النقال والإنترنت والتلفزيون) وقصرها على الاستخدامات العملية فقط، حسب ضرورات وفئات المستخدمين وأعمالهم.

والوقوف بكل شدة أمام تحويل تلك الأجهزة إلى وسائل للترفيه والتسلية بحيث تكون شائعة في يد الجميع، أو على الأقل في يد كل من يمتلك ثمنها. مع العلم أن أثمانها تنخفض باستمرار بالمقارنة مع الارتفاع الشديد في قدرتها العملية والفنية.

– إن ما نتكلم عنه من أهداف عظيمة، يمكن أن تدمرها تلك الأدوات الحديثة، التي تستخدم في الظاهر كأدوات للترفيه بينما هي أخطر أسلحة تدمير العقول والمجتمعات والقيم التي تعرَّف عليها البشر منذ بدء الخليقة وحتى الآن.

– لا قيمة لأي استقلال نحصل عليه بعد جهاد مرير، طالما أن الأجيال القادمة سوف تفصلهم عن الدين معدات الاتصالات الحديثة كأدوات للتسلية واللهو الآثم.

وهذا ما نشاهده الآن في أفغانستان حيث خرجت أجيال جديدة من الجامعات تطالب بما يناقض الشريعة.

نشاهد ثورات مضادة تدعو إلى الخضوع للكافرين والتبعية لهم، بعد عشرات السنين من جهاد للحصول على الحرية والحكومة الإسلامية.

فلا قيمة لما نتحدث عنه من تعليم إسلامي، حتى يستعيد المجتمع هويته، ونحافظ على أجيالنا الحالية والمستقبلية من موجات الانحراف التي تكتسح الدول والشعوب والقيم والأديان. فمهما كان التعليم إسلاميا وتوافرت تلك الأجهزة في أيدي الشباب، من الأولاد والبنات كبارا وصغارا، فإن الانهيار الأخلاقي قادم لا محالة، ولن نستطيع تأجيله سوى لعدد من السنين. وبعدها تتحطم السدود التي بنيناها والكيانات الضخمة التي أسسناها على قواعد الشريعة والدين.

– يكاد الجندي اليهودي والأمريكي والأوربي أن يختفوا بالتدريج من مسرح العمليات الحربية لصالح الأسلحة غير المأهولة والتي تدار عن بعد.

ولكنهم استبدلوا جنودهم بما هو أخطر، وهم جنود يستقبلهم الناس بالترحاب والبِشْر، وبالطاعة والإتباع. بل ويدفعون لهم الأموال.

هؤلاء الجنود هم أجهزة الاتصال الحديثة، من إنترنت وموبايل وتلفزيون، إنه تحدي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشر. وهو تحدي أخطر من جميع الحروب الصليبية التي واجهها المسلمون في القرون الماضية.

 

بإيجاز:

من معاني مشروع أسلمة النظام التعليمي في أفغانستان أن الإمارة الإسلامية بعد أن حررت بلادها من الاحتلال الصليبي، تجهز الميدان لجهاد تعليمي يحرر شباب أفغانستان من الاحتلال الثقافي الغربي، بأنظمته التعليمية وحملاته الدعائية المسمومة عبر وسائل الاتصال الفضائية.

وكما كانت معركة تحرير الأرض ذات طابع هجومي استشهادي، ستكون معركة تحرير العقول الشابة، هجومية وبعيدة عن الوهن والاعتذار للكافرين بغية استرضائهم. فهم لن يرضيهم سوى تخلينا الكامل عن الإسلام. ولكن الموت أقرب وأسهل من ذلك بكثير.