الصمود في عام التحديات

سيف الله الهروي

 

دخلتْ مجلة الصمود عامَها الـ 18، وخلّفتْ وراءها عامًا كان بالنسبة للجميع عام التحديات العديدة والكبيرة، تحديات سياسية واقتصادية وتعليمية وإعلامية، وكانت الصمود قد صمدت من قبل لأعوام وسنين كانت حافلة بالدروس والعبر والأحداث والفتن والمآسي والمبكيات والمضحكات.

في عالمي الصحافة الورقية والإلكترونية شهدنا كثيراً ظهور مجلات في الساحة بين ليلة وضحاها، وبدعم مالي ومعنوي كبيرين، لكن سرعان ما شهدنا توقف إصدارها، أو تعطلها نهائيًا لأسباب تافهة أو عادية، لكن بفضل الله ومنّه وكرمه ودعاء المؤمنين ونصر الله المبين صمدتْ مجلة الصمود رغم تكالب الأمم على الإمارة الإسلامية وقادتها ومجاهديها عن قوس واحد صمودًا أشبه بمعجزة إلى أن غادر المحتلون البلاد وتحقق الانتصار الباهر الذي أبهر العالم والأمم، وتوقفت الحرب عسكريًا.

لكن لا يخفى على أحدٍ أنّ الحرب وإن توقّفت عسكريًا، قد تركزت وازدادت في الميادين الأخرى التعليمية والاقتصادية والإعلامية.

والتحديات في مجال التعليم والاقتصاد والإعلام لا تقلّ خطورة عن القصف والقتل والتدمير، بل يتفق الخبراء على أن هذه التحديات مضراتها فادحة وطويلة المدى، وهي التي دمّرت حركات وحكومات ومؤسسات، ولا شك أنها مدمرة وقاصمة للظهور إن استهين بها ولم تُعد لها العدة ولم يعتنى بها كما يجب.

وإنّ أسوأ هذه التحديات هي الإعلام، فالإعلام العالمي المنافق التابع للقوى الاستكبارية في العالم ازداد باطنًا وظاهرًا حنقًا وحقدًا وعدواةً بعد رحيل الاحتلال وأذنابه، وهو ينشط بكل قوة ليلًا ونهارًا في تضخيم الصغير وتصغير الكبير، وتحوير الحسنات سيئات، والسيئات حسنات، واحتراف الكذب وإشاعته والتحريض والتهريش بين أطياف الشعب الأفغاني المسلم.

إن التصدي للهجمات الإعلامية ليس كالتصدي للهجمات العسكرية، ولا يمكن معالجتها بتلك الطرق التقليدية وبالمنع والضرب والشتم والسب، ومن أراد التصدي لها بتلك الطرق فقد وفّر لها في الحقيقة فرصة الانتصار في أسرع وقت ممكن، بل الإعلام يُحارَب بالإعلام، فإن جاءَ الأعداء بإعلامهم الكاذب المجرم يجب على أهل الإيمان أن يتصدوا لهم بإعلامهم الأخلاقي الصادق الذي ينشأ من دينهم وقيمهم وأخلاقهم.

إن جاؤوا بإعلامهم الباطل، فيجب أن يخوض المؤمنون هذه المعارك بإعلامهم الحق. وإن جاؤوا بإعلام ينشرون فيه المفاسد والمساوئ، فيجب أن نواجههم بإعلامنا الذي ينشر الحسنات. وإن جاؤوا بإعلام ينشرون فيه قيمهم الفاسدة، فيجب أن نأتيهم بإعلام ينشر القيم السامية المستقيمة القويمة. وإن أتوا بإعلام ينشر الأكاذيب المحترفة، فلنأتينّ نحن بإعلام لا ينشر إلا الصدق والصادق والمصدوق. وإن أتوا بإعلام ينشر الفحشاء والمنكرات، فسنأتي بإعلام ينشر العفاف والمعروف. وفي هذه الحرب الإعلامية القائمة إن جاؤوا بإعلام قوي، فيجب أن نجيء نحن بإعلام أقوى لننتصر ونغلِب.

في الحرب الإعلامية الشرسة التي يتعرض لها المسلمون بصفة عامة وقادة الجهاد المبارك في أفغانستان بصفة خاصة ترى مجلة الصمود مسؤوليتَها  كرُكنٍ مهم من أركان الإعلام للإمارة الإسلامية، عظيمة وثقيلة، فالرسالة عظيمة، والواجب كبير، والمسؤولية ثقيلة، وإنّ كلّ ذلك يتطلب المزيد من العمل والجهد والدعم والتأييد من جانب الجميع حتى لا تصاب هذه المجلة في مهمتها ومعركتها ومسيرتها النضالية باليأس والإحباط ولتقوم بواجبها في عام التحديات أحسن مما كانت من قبل. وما ذلك على الله بعزيز.